إنه رجل متزوج وله خمسة من الأبناء والبنات، وهو ملتحق بوظيفة متواضعة، لهذا فهو بالكاد يصرف على عائلته ويمشّي أموره، ولم يحمد ربه ويطور حاله ويركز على أبنائه ويجعلهم الاستثمار الوحيد في حياته، غير أنه للأسف ضرب بكل هذا عرض الحائط بسبب (عينه الفارغة).
وبحكم معرفتي به، فقد أتاني قبل مدة وقد ركب الهم رأسه، يسألني النصيحة، وقبل أن يدخل بالموضوع ويشرح لي مصيبته، ظننت أنه تورط في عملية قتل، أو على الأقل في عملية تهريب.
غير أنه فاجأني عندما قال لي: لقد تورطت في عملية زواج.
أجبته سريعا: كيف يكون ذلك وأنت متزوج من (أم فلان) منذ عشرة أعوام؟! وهي نعم الزوجة، وكفاية أنها (مستحملة) غباءك وصابرة على (بلاويك) حتى تفكر تتزوج عليها؟!
قال: «المشكلة أنني تورطت عندما زين لي أحدهم زواج (المسيار)، على طريقة (لا أحد من شاف ولا أحد من دري)، ولكي يزيد بإقناعي فتح (اللاب توب) العائد له ودخل به إلى أحد المواقع الإلكترونية، وعندما قرأت المغريات وسهولة الحصول على زوجة غير معلنة، الواقع أن (أذني ارتخت)، أي أن المسألة حليت بعيني، فوافقت على خوض تلك التجربة، فكان اتصالي أولا بالخاطبة التي أخذت تعدد لي الراغبات بالزواج وأوصافهن، وعندما وقع اختياري على واحدة منهن، طلبت الخاطبة أن أضع على حسابها (3000) ريال (كعربون) لكي تستكمل الإجراءات، وفعلت ذلك، وبعدها تذكرت واستدركت واتصلت بالخاطبة مرة أخرى أطلب منها أن تكون العروس غنية، وذلك على أمل أن تصرف هي علي بدلا من أن أصرف أنا عليها، فردت علي الخاطبة: إذا كنت فعلا تريد العروس غنية (تنغنغك) فالمسألة مختلفة، لأنه في هذه الحالة عليك أن تزيد وتضع في حسابي عشرة آلاف ريال، واضطررت أن أستدين وفعلت لها ما طلبت، على أمل أنني بعد أن أقترن بتلك المرأة الغنية سوف ألعب بالفلوس لعبا وأسدد كل ديوني.
وفي اليوم الثاني حاولت الاتصال بالخاطبة دون جدوى، ولي الآن أكثر من أسبوع لم أسمع صوتها، بعدها تأكدت أنني وقعت في شبكة نصب، والآن لا أدري ماذا أفعل؟!». قلت له: أمامك خياران، إما أن تتقدم بشكوى رسمية، أو تقلع الشوك الذي انغرس بجسمك بيديك أنت. قال: من المستحيل أن أقدم شكوى، (ليه) أنت تريد أن تفضحني، قلت: ولكن لا أملك إلا أن أقول: الله يعوض عليك.
وبالصدفة قرأت تحقيقا في إحدى الصحف ذكر فيه استشاري اجتماعي عن تلك الظاهرة في مواقع (النت) التي تروج لمثل هذه الزيجات، ويقول عن سبب صمت الأغلبية: «من الصعب أن نجد الضحية يجاهر بما أصابه خوفا من انكشاف أمره أولا، واستحياء منه على فعلته ثانيا، والقلق من الظهور بمظهر المستغفل ثالثا، وكل تلك الأسباب ساعدت على تغذية تلك الجهات غير الشرعية، لتستقطب أعدادا مهولة من المستغفلين حتى تدر من ورائهم أرباحا مالية خيالية، قد تتجاوز الـ50000 ريال للشهر الواحد، ويتم تقاسمها بين فريق العمل (غير الشرعيين)».
وأزيد على كلام المستشار من عندي قائلا: إن هذه اللعبة الوسخة تشبه تماما من ابتلي بمعاقرة الخمر وتعاطي المخدرات في بلد إسلامي، وذهب للمروج وأعطاه الثمن، غير أن المروج ضحك عليه و(بلع) الفلوس ولم يأته بطلبه.
فهل يستطيع والحال كذلك أن يقدم عليه شكوى عند الجهات الرسمية؟! هل يستطيع أن يذكر لهم نوع السلعة المشتراة منه؟!
أم أحسن له يذهب ويأكل له (التبن)؟!