الفساد هو الحل والفشل هو الأمل

TT

الضمير المستتر من مقالب اللغة العربية يا سيدي سامي البغدادي.. ففي قولي عما جرى في العراق «ندموا على ما فعلوا» يعود الفاعل للأميركان وليس للعراقيين.. العراقيون سعداء بما حصل بدليل استغراقهم في اللطم.

ومرورا بما كتبه لي الجواهري ويوسف الدجاني وعبد الله الشهري ومحمد أحمد عن إخفاق الجامعة العربية، أقول إن الجامعة العربية أصبحت حجر عثرة ينبغي اقتلاعه وردم المستنقعات به. فالدول الغربية ذات الفعل والبأس أصبحت تعول على قراراتها وتنتظر نتائج ما تفعله. ونحن نعلم أنها لا تقرر، وعندما تقرر لا تفعل، وعندما تفعل تفسد.. فسلوكها حيال ما جرى في سوريا عار في تاريخ الإنسان. الأفضل لنا أن نتخلص منها. ورحم الله المونولوجست العراقي عزيز علي عندما غنى عن ضياع فلسطين منولوجه «الذنب ذنب جامعتنا.. جامعتنا اللي ما جمعتنا».

عبر آخرون عن استغرابهم من موقفي المتشائم حيال فوز الأحزاب الإسلامية وقولي إن مصيرها سيكون الفشل والمحسوبية وأخيرا ضلوعها في الفساد. يا سادتي، رغم ما يبدو من جزافية في ما أقوله في هذه الزاوية القصيرة، فإنني لا أقول القول دون دليله، والدليل هنا أن مشكلاتنا أكبر منا. ما يحاوله «الإخوانيون» هو ما سبق أن حاوله العماليون في أوروبا، وهو شراء يومك بغدك.. الجود بما ليس بموجود، أي الاقتراض والإنفاق، و«العن أبو بكرة»! صرحوا في مصر بأنهم سيقترضون من صندوق النقد الدولي 3.2 مليار دولار. وهذا من هذا المصدر فقط. ما الذي سيفعلون به؟ لا علم لي كم سيأخذون من أميركا ودول الخليج. يقول محمد جودة، الخبير الاقتصادي لـ«الإخوان»، إنهم سيضاعفون واردات القناة ويمدون الزراعة لشتى الواحات. لا يتوقف استعمال القناة على ما تريده مصر؛ وإنما ما تقرره شركات النقل العالمية. انتقال التجارة والصناعة من أوروبا إلى الصين والهند سيقلل الحاجة لاستعمال القناة. وكذا يقال عن شيوع النقل الجوي. الدكتور جودة يحلم ويخدر الناس.. مسلك «الإخوان» في كل مكان.

حاول عبد الناصر ومبارك إحياء كل ما يمكن من أرض مصر، وأضاعوا في المحاولة مبالغ ضخمة.. سمعنا الكثير عمن أفنوا حياتهم في محاولة العثور على حجر الفلاسفة لتحويل التراب إلى ذهب. ولكن «الإخوان» سينجحون في معجزة مختلفة.. حجر «الإخوان» في تحويل الذهب إلى تراب.

وبغير ذلك، سيوفقون في صرف الأموال المقترضة على الصدقات والإعانات، حتى يحل أجل التسديد فلا يجدون ما يدفعونه للدائن. فيكررون تجربة الخديو إسماعيل عندما أفلس، فوضع الإنجليز يدهم على مصر وحكموها وفاء لقروضهم.. هل سيعيد التاريخ نفسه؟

وعندما يفشلون، سيقعون في ما تقع فيه المرأة الحسناء عند فشلها في الحب، فتنحدر للعهر.. كذا يفعل معظم السياسيين الفاشلين فينحدرون للفساد ويختلسون ما بقي من مال في يده.

رغم كل هذا السيناريو المتشائم، فإنني أدعو لهم من كل قلبي بالنجاح في مسعاهم. فلا يهمني من السياسة الوطن أو الاستقلال أو المبدأ، بقدر ما يهمني أمر الفقر والفقراء.. إن نجحوا في ذلك وأخطأت في حسابي، فجزاهم الله خيرا على خير.