فريدمان.. صديق إسرائيل يقول شيئا مهما

TT

استمعت الى توماس فريدمان في ندوة نادي دبي للصحافة يقول كلاما جديدا وربما غريبا، فهو يعتقد ان العمليات الفلسطينية الانتحارية ضد المدنيين قد ادت الى «قلب اسرائيل رأسا على عقب، وافقدتها الشعور بالامن اكثر مما فعل اي جيش عربي خلال الخمسين سنة الماضية». ويضيف فريدمان ان العمليات الانتحارية «جعلت الاسرائيليين اكثر استعدادا من اي وقت مضى للتخلي عن الاراضي الفلسطينية».

اعتقدت عندما كنت استمع الى محاضرته، انني اسأت فهمه، او انه يقول هذا في قاعة مغلقة او شبه مغلقة، ولكنني فوجئت بنفس الكلمات يكتبها في اليوم التالي في «نيويورك تايمز» وتنشرها «الشرق الأوسط»، في عدد امس.

هذا كلام يأتي من صديق حميم للاسرائيليين، ويثير مشكلة حقيقية تتعلق بتقييم العمليات الانتحارية ضد المدنيين. وكلامه لا يختلف عما تقوله حماس والجهاد وفتح بأن السلام لن يأتي سوى بالعنف حتى لو تسبب في مقتل مدنيين. وكلامه يعني ان المجتمع الاسرائيلي سيقبل السلام والتخلي عن الاراضي المحتلة اذا قتل مزيد من الاسرائيليين، وهو تحليل ربما يأخذه أحد ويبني عليه حقائق خطيرة مثل ان يتساءل: ما المانع من مقتل الف اسرائيلي مدني اذا كان ثمن ذلك هو السلام؟ وقد يقول فلسطيني ان هذا هو الخيار الوحيد ما دام الاسرائيليون بدأوا يوافقون على الانسحاب بعد العمليات الانتحارية. وقد يقول اسرائيلي ما المانع من مقتل الف اسرائيلي مدني في عمليات انتحارية ما دام ذلك سيجلب السلام، وهو ما يمكن ان يوفر ارواح عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين الاسرائيليين؟

ليس مهما بقية التحليل الذي طرحه فريدمان، ولكن من الضروري، للانصاف، انه اوضح ان النتيجة التي وصل اليها الاسرائيليون جعلتهم ايضا يصلون الى نتيجة استحالة التعامل مع عرفات، وضرورة وجود قائد «براجماتي» للفلسطينيين. ولكن المهم انه ينتهي بالتحليل الى ان وصول الاسرائيلي الى قناعة بالسلام بعد العمليات الانتحارية، وشعور الفلسطيني بقدرة الجيش الاسرائيلي لاعلان حرب من بيت الى بيت في الضفة، يجعلان اللحظة مناسبة للقيام بعمل دبلوماسي لاحلال السلام يشبه ما وصلت اليه الحال عام 73 بين اسرائيل والمصريين، حين كانت اسرائيل ومصر «تمسك إحداهما برقبة الاخرى وكلتاهما تنزفان»، على حد تعبير فريدمان!! انه تحليل دراماتيكي يأتي من صديق حميم لاسرائيل ليدعو الفلسطينيين الى مزيد من العمليات الانتحارية ضد المدنيين، لانها الطريق الوحيد الذي اقنع المجتمع الاسرائيلي بضرورة السلام.