مهمة أميركية ـ بريطانية جديدة

TT

استطاع شارون ان يحول دولتين كبيرتين مثل اميركا وبريطانيا الى سجانين يقومون بحراسة متهمين فلسطينيين، فمن اجل عيون شارون يصبح كل شيء ممكنا، وتصبح صورة دولتين كبيرتين، مجرد حراس للسجون الفلسطينية بدلا من ان يقدموا خطة سلام، او مساعدات انسانية للفلسطينيين.

كان الخطأ الاول للقيادة الفلسطينية اعتقال من تتهمهم باغتيال الوزير زئيفي، فهذه المهمة هي مهمة اسرائيلية، او مهمة سلطة حقيقية تمتلك اجهزتها ولديها مؤسساتها وليس مهمة سلطة بلا انياب ولا مخالب، شرطتها يضربون بالصواريخ، ورئيسها يحاصر في غرفتين. وتلاه الخطأ الثاني حين تحول هؤلاء السجناء الى جمرة في يد السلطة، فلا هي قادرة على تسليمهم للاسرائيليين لان هذا يعني تحول السلطة الى شرطي اسرائيلي، ولا هي قادرة على اطلاق سراحهم خوفا من استمرار اتهامها بايواء وتشجيع الارهابيين، فكان ان تمت الموافقة على صيغة غامضة غير مسبوقة.

الان تم اختراع طريقة جديدة تحت تشدد شارون، وهي ان يستمر احتجاز هؤلاء وسجنهم عبر حراسة بريطانية واميركية، وهو سيناريو مثير للسخرية حقا، فاين سيسجنون، وما هي طبيعة الحراسة، وهل سيتم اعتماد احكام المحاكم الشكلية التي حكمت عليهم في مقر عرفات المحاصر، ام ستعاد محاكمتهم في شروط تتوفر فيها حقوق الدفاع عن النفس، والاستماع الى الشهود وتقديم الادلة، وفي هذه الحالة من سيتولى المحاكمة، وهل سترضى اسرائيل بمحكمة فلسطينية، وهل سيرضى الفلسطينيون بمحكمة اسرائيلية، ام سيتم اختراع طريقة جديدة من اجل عيون شارون بتشكيل محكمة اميركة ـ بريطانية باعتبار ان هاتين الدولتين الكبيرتين اصبحتا جاهزتين لمساعدة شارون في كل افكاره الغريبة على المجتمع الدولي وعلى القانون الدولي.

ما نجحت فيه اسرائيل هو تحويلها الانظار من القضية المركزية وهي إنهاء الاحتلال الى قضية امنية تتعلق بانسحابات من مناطق اعيد احتلالها، وحصر النقاش حول كيفية السماح بانتهاء حصار عرفات، وحول المفاوضات لانهاء حصار كنيسة المهد، وهي كلها قضايا امنية هي تحصيل حاصل للاحتلال الاسرائيلي، وهي تدل على تراجع عن قضية المفاوضات والسلام الى قضايا امنية صغيرة.

سنظل نتفرج على فصل جديد من مسرحية هزلية يتحول فيها الاميركان والانجليز الى سجانين، ويظل فيها شارون يحاصر الكنائس ويقتل الابرياء ويرتكب المجازر دون ان يستطيع احد ان يوقفه عند حده، وهي مسرحية يمكن ان تشكل عنصرا جديدا في العلاقات الدولية.