عرب أغنياء.. وعرب فقراء

TT

هل هناك دول عربية غنية واخرى فقيرة؟ يبدو السؤال ساذجا حيث يمكن من خلال قراءة الارقام، تصنيف الدول العربية الى دول غنية ودول فقيرة، لكن هذه الارقام تخفي خلفها مشاكل وقضايا عالقة كثيرة.

هل وجود النفط في دولة عربية يعني انها غنية؟ لا اعتقد لان هناك دولا عربية تنتج ملايين البراميل يوميا ولكن شعبها لا يحصل على قوت يومه الا بصعوبة، وهناك دول عربية دخلها القومي متواضع ومع ذلك يعيش الناس فيها بالحد المطلوب من الكرامة البشرية.

هناك من يبالغ في التفرقة بين دول عربية فقيرة واخرى غنية لاضفاء حقيقة خطيرة، وهي ان هناك دولا عربية كثيرة افقرت بفعل فاعل، إما عن طريق سيطرة اقلية احتكرت الثروة وحرمت الانسان من ابسط حقوقه الانسانية، او لان هناك حكومات فردية ساقت شعوبها من حرب الى اخرى، ومن كارثة الى اخرى، وافتعلت الازمات مع الدنيا كلها، فكان ان تحولت هذه الدول الى دول فقيرة، او لان هناك دولا تسجل فيها معدلات الفساد المالي والاداري نسبا تفوح رائحتها وتزكم الانوف، فالمال موجود والخير موجود ولكن ما يصل الى الناس والى مشاريع التنمية هو شيء قليل بعد ان تتسرب هذه الاموال وتتساقط في جيوب واحضان الفاسدين والمفسدين.

هناك دول عربية غنية بالموارد الطبيعية وغير الطبيعية ولكنها دول مسروقة ومختطفة يعيث فيها الفساد، وتنتشر فيها السرقة، وتحتكر اقلية صغيرة فيها الثروة، وهذه الدول تحديدا هي التي تحاول ان تروج وان تبالغ في مسألة العرب الفقراء والاغنياء في محاولة لتبرئة نفسها مما تعانيه شعوبها، او محاولة لالقاء اللوم على دول عربية اخرى واتهامها بانها لا تساعدها ولا تمد لها يد العون.

الم يكن احد الشعارات الثلاثة التي دخل على اساسها صدام حسين الكويت توزيع الثروة القومية العربية والاخذ من الاغنياء العرب لاعطاء الفقراء العرب، رغم ان ثروة العراق لا تقارن بثروة الكويت لكنها ذهبت من حروب داخلية وانقلابات الى حرب اكلت الاخضر واليابس مع ايران ثم كانت الثالثة القاتلة وهي احتلال الكويت.

دفعت بعض الدول العربية «الغنية» مليارات الدولارات لمن يفترض ان تكون دولا فقيرة، ولكن هذه المليارات ذهبت مع الريح في حفلة فساد وتسلط واستهتار بالانسان، ومع ذلك ما زالت اسطوانة العرب الفقراء والعرب الاغنياء تصدح بأعلى صوتها.