خطوة لا بد منها

TT

فيما كان الرئيس الاميركي جورج بوش مجتمعا مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، تلقى الاثنان خبر هجوم مساء اول من امس جنوب تل ابيب، وهو الهجوم الذي اوقع عددا من القتلى والجرحى، والذي لا شك في ان شارون سوف يعتبره «تبريرا» لارتكاب مذبحة جديدة في المناطق الفلسطينية. ولعل المفارقة هنا هي ان بين اهم اهداف شارون من زيارته للولايات المتحدة التأكيد على ان اجتياحه للاراضي الفلسطينية قد اثبت جدواه في وقف العمليات الفدائية الفلسطينية داخل اسرائيل.

بيد ان الهجوم الاخير، خصوصا من حيث توقيته، يثبت ان شارون ما يزال غارقا في اوهام جبروت القوة ودوامة الانتقام. لكن هذا الهجوم نفسه لا يحرج شارون وحده، بل هو يضع الطرف الفلسطيني ايضا في موقف اقل ما يمكن ان يوصف به هو انه ليس بالموقف السهل، خصوصا لجهة ما تواجهه السلطة من ضغوط والتزامات، وما قد يترتب على ذلك من اجراءات ربما تضطر الى اتخاذها رغم ما قد تجره من انعكاسات على الوضع الفلسطيني الداخلي.

والواقع ان الوضع الفلسطيني ـ الإسرائيلي يذكّر بالوضع في منطقة البوسنة والهرسك، في أسوأ أيام النزاع أثناء التسعينات. فالقوتان المتحاربتان كانتا أيضا واقعتين في مأزق صراع دموي من دون وجود استراتيجية للخروج منه. وكلتاهما تم انقاذهما من الوقوع في موت أكثر، ودمار أكثر، حينما قرر المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة التدخل لوقف الحرب.

الحال الآن تبدو مماثلة بالنسبة للوضع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. فالخطوة الوحيدة التي بات لا بدّ منها، والتي ربما تسهم في تخفيف التوتر والتمهيد للعودة الى المفاوضات، هي التدخل الخارجي. إذ تم رفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عندما تدخلت واشنطن، وربما سيتم رفع الحصار عن كنيسة المهد في بيت لحم قريبا بفضل الجهود الأميركية والبريطانية وبعض البلدان الأوروبية.

من الواضح أنه ليس بإمكان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي وحدهما أن يوقفا دورة الانتقام المتبادل. فشارون وضع إسرائيل داخل حفرة، ولن يكون ممكنا الخروج منها من دون الضغط الخارجي، والاميركي خصوصا. في الوقت نفسه، يجب أن تمنح أصوات التعقل والاعتدال الفرصة لدى الطرفين.