قمة سلام في شرم الشيخ

TT

على الرغم من بقاء احتمال الغزو الإسرائيلي لغزة، قائما، كغيمة سوداء تغطي المنطقة، هناك شعاع من الأمل يمكننا أن نتلمس وجوده في الأفق.

مصدر هذا الشعاع شرم الشيخ، المنتجع المصري المطل على البحر الأحمر، الذي استضاف، قبل أربعة أعوام، قمة سلام أخرى، دخلت ملف النسيان. لكنه هذه المرة يستضيف قمة تضم ولي العهد السعودي، الأمير عبد الله، والرئيس المصري حسني مبارك، والرئيس السوري بشار الأسد.

جدد الزعماء الثلاثة، في هذه القمة، دعمهم لمبادرة السلام السعودية، التي تمت الموافقة عليها، أيضا، بالإجماع في قمة بيروت العربية التي عقدت في اواخر شهر مارس (آذار) الماضي. وقد أدان الزعماء العرب الثلاثة كل أشكال العنف، مرسلين بذلك إشارة واضحة مفادها أن الاستراتيجية العربية مبنية على السعي لتحقيق السلام عبر المفاوضات.

ومع تكريس الموقف العربي الموحد، عبر قمة شرم الشيخ، تصبح إمكانيات انعقاد مؤتمر سلام دولي افضل بكثير مما كانت عليه، وتصبح الكرة في ملعب واشنطن، فالخطوة اللاحقة يجب ان تأتي من العاصمة الاميركية، وأن تأتي سريعا كي لا يفقد السعي للسلام زخمه.

حتى شهر مارس الماضي كان يجوز القول إن العرب لم يتوصلوا بعد إلى موقف واضح وموحد يمكنهم أن يطرحوه كأرضية لمفاوضاتهم مع إسرائيل. أما اليوم فقد أعلنوا عن هذا الموقف بوضوح. وبالمقابل، نجد أن إسرائيل هي التي تفتقد هذا الوضوح، وتتخبط في رؤياها لمستقبل المنطقة.

إلا أن شعاع أمل آخر، جاء من إسرائيل نفسها، حينما تظاهر أكثر من 50 ألف شخص في تل أبيب، ليلة السبت الماضي، من أجل السلام، وضد استراتيجية آرييل شارون المبنية على الممارسات العسكرية فحسب.

وتأتي المظاهرة، التي تعتبر الأكبر في تاريخ إسرائيل، متزامنة مع نشر نتائج استطلاعات الرأي، التي أظهرت أن أكثر من 60 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون الانسحاب من جميع الأراضي العربية التي احتلت عام .1967 ونفس نتائج الاستطلاعات أظهرت أن شارون يحظى بدعم ثلثي الإسرائيليين لضرب من يسميهم بـ«الإرهابيين»، لكنهم، في الوقت نفسه، يرفضون هدفه الخفي المتمثل بمنع قيام دولة فلسطينية.

آن الاوان أن تخرج حكومة اسرائيل من حالة البلبلة والاضطراب، فهي بحاجة إلى حزب معارض قوي قادر على أن يكشف للناس أن شارون هو سبب ما يسمى بـ«الشر» الذي يحاربه، وأن النزاع القائم لا يمكن حله إلا عبر طرق دبلوماسية، تخدم مصالح الشعبين.

أما المؤشر الآخر على حدوث يتحول في المزاج الإسرائيلي، فهو تصريح وزير الخارجية، شيمعون بيريس، في مقابلة تلفزيونية، من أنه كلما تسارعت خطى قيام الدولة الفلسطينية، كان ذلك أفضل للجميع. ويعتبر بيريس أن إسرائيل قد تكون اخطأت في عدم منح الفلسطينيين دولة خاصة بهم منذ بدء تنفيذ اتفاق أوسلو في منتصف التسعينات.

لأول مرة منذ شهور، هناك بوادر توحي بالتفاؤل وبأن دائرة القتل يمكن أن تتوقف. وقد يكون على الفلسطينيين ألا يدعوا هذه الفرصة تنهار وأن يتجنبوا القيام بأي عمل يؤدي الى تقويض جهود الزعماء العرب، وعلى شارون ألا يدمر حالة الشعور بالتفاؤل بمغامرة غزو جديد لقطاع غزة.