عنتريات المقاومة الفلسطينية

TT

تسجل بعض الجماعات الفلسطينية نموذجا للمراهقة السياسية، وغياب روح المسؤولية وسيطرة الفردية والعصبية التنظيمية والعقلية العشائرية التي لا ترى ابعد من الانف.

نحن امام اول حركة تحرر في العالم تقدم لعدوها ـ رغم شراسته ـ كل المعلومات مجانا ومع سبق الاصرار، وما على الجيش الاسرائيلي الا ان يراقب الفضائيات العربية ويستمع الى تصريحات بعض القادة الفلسطينيين الميدانيين، ويشاهد الافلام العنترية اليومية التي تقول للعدو كل ما يريد معرفته.

منذ اعلن الجيش الاسرائيلي انه سيتقدم الى غزة، عرفنا عبر الفضائيات اسماء كل القادة الميدانيين لمعظم التنظيمات الفلسطينية، وعرفنا بالتفاصيل ما هي الاستعدادات لمواجهة الجيش الاسرائيلي مع افلام تفصيلية تبدو فيها العمارات والشوارع والمخيمات التي يتم فيها تمركز المسلحين الفلسطينيين ويظهر بعض قادة الجماعات مستعرضين عضلاتهم متبرعين بطرح كل ما لديهم مجانا لاسرائيل.

منذ يومين، قدمت احدى الجماعات الفلسطينية معلومة مجانية للعدو عن اسم وعنوان منفذ احدى العمليات الانتحارية الفاشلة، وبعد ساعات كان اهله يلتحفون السماء بعد ان تم تفجير منزلهم وتشريدهم. وبعد كل عملية انتحارية يتم تزويد الجيش الاسرائيلي عبر افلام وتصريحات بأسماء منفذيها وعناوينهم، فتكون النتيجة تدمير منازلهم وتشريد اهلهم، وهذا كله حتى لا يقول احد ان منفذ العملية ينتمي الى «حماس» بينما هو من «كتائب الاقصى»، او ينتمي الى «فتح» بينما هو من الجهاد الاسلامي، وهي مراهقة سياسية ما بعدها مراهقة، ومنافسة تنظيمية يغيب فيها الشعور بالمسؤولية.

في كل حركة تحرر هناك ناطقون سياسيون يعبرون عن الرأي السياسي للحركة برمتها، او لاحدى فصائلها، ولكننا الآن امام حركة تحرر يستعرض فيها كل شخص عضلاته السياسية والتنظيمية، بما في ذلك القادة الميدانيون والعسكريون الذين يفترض ان تكون اسماؤهم وتحركاتهم محدودة وسرية، وهذا كله من اجل عيون التنافس السياسي والعقلية العشائرية والفردية التي تعتقد ان حركة التحرر ستتوقف بدن هؤلاء، وانهم مركز الكون وسر اسرار الصمود.

من يوقف العبث السياسي الذي تمارسه بعض الفصائل الفلسطينية؟ ومتى تكون فلسطين واهلها اولا ومصلحة الفلسطينيين اولا ثم يأتي التنافس السياسي والعقلية العشائرية؟