قفشات الحب والزواج

TT

بقدر ما اثار الحب من روائع الشعر والغناء، اثار الزواج سخريات المنكتين والظرفاء. شيء عجيب. ان تصبح النتيجة عقابا على المقدمة. ولكن هذا ما جرى فقال احدهم ان الرجل يظل يركض وراء المرأة حتى تقبض عليه. وهكذا تتحول الغادة التي هام بحسنها الشاعر ونظم فيها روائع غزله الى مخلوقة مزعجة لا يدري كيف يتخلص منها. كل ما سمعته او قرأته من نكات وقفشات في هذا الميدان جرى على حساب الزوجة وسعيا وراء الهرب منها.

ذهب رجل الى الطبيب شاكيا سوء صحته وتدهور علاقته مع زوجته فأشار عليه ان يجرب الرياضة. نصحه بأن يخرج كل يوم ويركض عشرين ميلا، عشرة اميال صباحا وعشرة أميال مساء لمدة اسبوع ثم يخبره بالنتيجة. اخبره بالنتيجة على التلفون بعد سبعة ايام وقال له ان صحته قد تحسنت كثيرا. سأله الدكتور وكيف زوجتك الآن؟ فأجابه: «ومن اين لي ان اعرف ذلك؟ انا الآن على مسافة 140 ميلا منها».

ودخل موظف الى رئيسه يطلب منحه اجازة للزواج وقضاء شهر العسل. فقال له المدير: «ولكنك عدت قبل يومين فقط من اجازتك الصيفية. لماذا لم تتزوج قبلها وتقضيانها كشهر العسل؟» فأجابه الموظف: «سيدي تريدني ادمر اجازتي الصيفية؟».

ربما يكون اكثر هذا الكلام من اختراعات الظرفاء ولكن هناك حكايات حقيقية اكثر من تلفيقات الظرفاء. من أروعها ما سمعته عن اللورد بركنهد. سأله الوزير البريطاني سلوين لويد عن اهم مايلستون (حجر المسافة) مر به في حياته. فقال الاول تخرجه من اكسفورد. والثاني نيل لقب فارس الامبراطورية والثالث تسلم وزارة المالية. التفتت اليه الليدي بركنهد وقالت، وماذا عن زواجنا؟ الا تعتبره واحدا منها؟ فأجابها: «يا عزيزتي يظهر انك اخذت تطرشين. المستر لويد سألني عن اهم مايلستون (milestone) في حياتي وليس عن اهم ملستون (millstone) (حجر المجرشة ويكنون به العبء الثقيل)».

ويظهر ان المرأة ايضا تنظر للزواج كمحنة. وهو ما استنتجت من حكاية زميل مصري لي في لندن. خطب احدى تلميذاته في القاهرة وكانا مقبلين على الزواج. وكانت فتاة محافظة ومتدينة جدا. خابرته يوما وقالت له انها تجلس بعد كل صلاة وتدعو وتبتهل الى الله ان ينجيه من الهموم والمشاكل وأي كآبة يعاني منها. فقال لها «ولكن يا حبيبتي انا ما عنديش أي هموم او مشاكل الحمد لله ولا اعاني من أي كآبة او قلق». قالت له: «ايوه عارفة. لكن ح يحصل بعد ما نتجوز».

وحتى رجال الدين الذين يحثون على الزواج تراهم غالبا ما يتهكمون من هذا القفص الذهبي. كنت جالسا مع القس يوسف في عقد النصارى ببغداد عندما جاءه شاب مسلم يريد التنصر. سأله القس لماذا تريد ان تفعل ذلك؟ فقال له انه اعجب بالديانة المسيحية في دعوتها للسلام والمحبة والتسامح... الخ. قال له يا ابني دينك الاسلامي ايضا يدعوك للسلام والتسامح. كل الأديان تدعو لذلك. اضطر الشاب في الاخير ان يعترف بحقيقة الدافع. كان يحب جارته ماري وهي تحبه ولكن اهلها لن يسمحوا بالزواج به ما لم يتنصر. مسك القس يوسف بذقنه ثم قال للشاب: «اسمع يا ولدي. ماكو مرة في الدنيا تسوى تغير دينك على شانها».