ديمقراطية استعباد الآخرين!

TT

قرار حزب الليكود رفض اقامة دولة فلسطينية يعني ان احد اهم الاحزاب في الدولة الاسرائيلية «الديمقراطية» قد اتخذ قرار باستعمار شعب آخر، والاستمرار في اذلاله وتشريده، وهو امر يثير الضحك حيث تكون نتيجة التصويت الديمقراطي استعباد شعب آخر.

ماذا سيحدث لو عقدت حركة فتح، اكبر الفصائل الفلسطينية، مؤتمرا لها وقررت فيه عدم الاعتراف بدولة اسرائيل، وتم ذلك بالتصويت الديمقراطي؟ وما هي ردود الفعل المتوقعة على قرار كهذا في واشنطن والعواصم الاوروبية؟ وما هي طبيعة الانتقادات والادانات التي كان سيقدمها المجتمع الدولي لمثل هذه الخطوة، خاصة ان الرئيس عرفات عضو في حركة فتح وزعيمها مثلما شارون عضو في حزب الليكود وزعيم له؟

لنفترض ان بقية الاحزاب الاسرائيلية، بما فيها حزب العمل وحركة ميريتس وكل قوى اليمين واليسار، اتخذت قرارا بعدم السماح بقيام دولة فلسطينية، فمن هو المستفيد ومن هو المتضرر على المدى البعيد؟ هل هم الفلسطينيون ام الاسرائيليون؟ هل تحتمل اسرائيل ان يعيش داخل حدودها ملايين الفلسطينيين الذين يتزايدون بمعدلات ضخمة داخل الضفة وقطاع غزة وداخل الخط الاخضر في وقت سيستمر فيه التوتر واعمال العنف بسبب بقاء الاحتلال، وما يستتبع ذلك من قلة المهاجرين الجدد الى اسرائيل، بل وربما الهجرة المعاكسة، وما هي طبيعة المجتمع الذي سيتكون في اراضي الاحتلال، وما هي طبيعة الجيل الفلسطيني الجديد الذي سيولد وينشأ في ظل الاحتلال والفقر والبطالة وغياب الامل في المستقبل؟ هناك مفكرون اسرائيليون يعتقدون جادين ان اعطاء دولة فلسطينية هو من مسائل الامن القومي، فالاراضي المحتلة هي جمرة لا تحتملها اية حكومة اسرائيلية مهما تسلحت بكل وسائل التطرف، وبأفضل اسلحة الدمار. وهؤلاء يعتقدون ان اسرائيل لن تعيش بسلام اذا استمرت مسؤولة امام المجتمع الدولي عن امن وسلامة ملايين الفلسطينيين واذا استمر جيش الاحتلال يمارس عدوانه اليومي على ملايين البشر الذين يكرهون هذا الجيش كما يكرهون الاحتلال. ما يحدث في اسرائيل هو تجربة فريدة تستحق البحث والتأمل حين يتم التصويت الديمقراطي على استعباد واذلال شعب آخر عبر الاقلية والاغلبية الديمقراطية، وهي مسألة جديدة على التراث الديمقراطي البشري منذ اول عقد اجتماعي لاول دولة معاصرة حتى عصر العولمة وديمقراطيتها. لكنها اسرائيل، الدولة التي لا تنطبق عليها قوانين المجتمع البشري المتحضر، ولا قرارات الشرعية الدولية.