عودة الحريري

TT

عقب أسابيع من الانتخابات العامة التي أفرزت واقعاً سياسياً جديداً، اقترب لبنان من تشكيل حكومة جديدة برئاسة رفيق الحريري، رجل الأعمال ورئيس الحكومة الأسبق الذي عمل في أحرج مراحل ما بعد الحرب الأهلية في لبنان.

يعود الفضل في الهدوء الذي يتم به هذا التحول إلى النظام التعددي في لبنان والذي بدأ باستعادة النشاط الذي جعله نموذجاً يحتذى بالنسبة للدول العربية الاخرى. ويدرك المتابعون ان الحملة الانتخابية كانت حامية، اذ تركز الاهتمام على القضايا الساخنة، رغم انها شملت ايضا النزعة الطائفية والخلافات الشخصية.

يعود الحريري إلى رئاسة الحكومة في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية عميقة. فالنمو الاقتصادي البطيء والمعدل العالي للتضخم والنسبة العالية للبطالة أفرزت واقعاً أصبح فيه الاهتمام بتوفير لقمة العيش اليومي هماً لغالبية الأسر. لبنان في حاجة إلى دفع اقتصاده إلى الأمام والى ترقية استثمارات جديدة، إلا ان ذلك يتطلب بالضرورة قدراً من الاستقرار السياسي في المدى المتوسط على الأقل.

سيلعب البرلمان اللبناني الجديد دوراً حيوياً في بناء الاستقرار المطلوب، فالحرية التي صاحبت إجراء الانتخابات العامة تشير إلى ان غالبية أعضاء البرلمان الجديد سيركزون اهتمامهم على دوائرهم الانتخابية في المقام الأول، وهذا يعني اهتمام البرلمان بقضايا المعيشة بدلاً من الفتن والمناورات في الدوائر السياسية.

الاقتصاد لا يمثل القضية الوحيدة التي تحتاج إلى اهتمام عاجل، فهناك حاجة حقيقية إلى اتفاق جديد يتم على أساسه توزيع فوائد النمو الاقتصادي بالتساوي، وهذا اتجاه سيمكّن بدوره الحكومة الجديدة من معالجة القضايا الأخرى المعقدة ذات الصلة بمستقبل توزيع السلطة السياسية لعكس الواقع الذي أفرزه أكثر من نصف قرن من التغير الديمغرافي.

الحكومة اللبنانية في حاجة إلى إعادة النظر في المتغيرات الإقليمية الجديدة، بما في ذلك الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وانهيار عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

من المؤكد ان حكومة الحريري ستبدأ عملها بتفويض قوي من الناخبين، غير ان المهم كذلك هو الوضع في الاعتبار التطلعات التي أفرزتها الانتخابات العامة السابقة.