«قوم لا يقرأون»..

TT

لم ترو القمة الطارئة ظمأ الكثيرين. ومرة اخرى، تحول مؤتمرات القمة العربية المتفائل بجديتها الى انسان أبله ـ ونعتذر لمن لا يرى نفسه كذلك ـ اذ تعشم فيها الملايين ان ترتقي بأهدافها وتخفف من الهزيمة، لكنها لم تفعل. هزيمة طال امدها وتعقدت انعكاساتها ولم يشف جراحها البيان الختامي الذي صدر عن قمة القاهرة. قد يقال ويكتب الكثير عن الحدث السياسي الاقليمي الذي تحول الى لا حدث بمجرد الساعات الاولى من انعقاده، وسمح البث المباشر لجلساته في كشف الاتجاه الذي كان يسير فيه. وأمام الشاشة الصغيرة، بعيدا آلاف الاميال عن القاعة الفاخرة المقفلة، كانت تتهاطل على ذهن المشاهد تساؤلات عن مدى جدوى المطالبة في الشارع او عبر الصحف والاذاعات والفضائيات بالخيار الاستراتيجي الآخر (الذي لا نسمع عنه كثيرا)، والقاضي باستعادة اادول العربية ثقتها بالنفس وبقدرة شعوبها على تحمل المآسي، اذ ليس هناك مأساة ومآس اكثر من التي يعيشونها. وما يحز في النفس أنه مهما سال من دم في الأرض المحتلة وحبر في مقالات الصحف العربية الدولية والمحلية، التي اختلفت عناوينها لكنها تشابهت في مضامينها، فان كل ذلك ذهب ادراج الرياح، ولم يغير في الواقع شيئا. ونتساءل في هذا السياق عما اذا كان قول موشي دايان عن العرب «انهم قوم لا يقرأون.. واذا قرأوا فهم لا يفقهون» السبب خلف النتائج الهزيلة للقمة العربية! ان حياة الانسان مواقف، وقرارات القمة العربية التي سعت للتعبير عن الملايين من العرب، لم تكن في مستوى ولا حجم ما كان متوقعا منها، وبما أن هذا هو مخاضها بعد سنوات من الانتظار، واكثر من عام من الحديث عن انعقادها، فياليتها لم تنعقد. اذ لم تزد، والعالم العربي يستهل قرنا جديدا، الا في سد افقه و"رفع" روح الاحباط لديه. وعلى الطفل الفلسطيني او رب البيت في الاراضي المحتلة، وغيرها، ان يسلم أمره، كما تعود، الى ربه ويستمر في نضاله أو ان يختار ما اقترح عليه، ويعمل بشعار بعضهم "العرب دعاة سلام". كما بامكانه ان يستخدم كرم الضيافة العربي الازلي ويدعو الاسرائيلي "لاستيطان" بيته. وهكذا، لا حرج في ان يحول هذا المنطق الانسان العربي الى ذلك الكائن الحي، الذي يمكن "نشه"، ولن يؤدي سحقه الى زعزعة استقرار العالم. ورغم نبل مهمة الاعلام العربي بالحرص على النقل المباشر لمثل هذه القمم واللقاءات، الا انها تجربة نتمنى عدم تكرارها، لانها لا تزيد الا في مضاعفة روح التذمر وتقوية الاحساس لدى المتتبع بأن الوضع الراهن لا يحث الا على حالة من الحالتين: اما التصوف، أو التطرف بهجرة المنطقة العربية، رغم انها ليست اقل من المجتعات الغربية فكرا ولا ثروة لكي تخضع لمنطق وغطرسة سياسات القوى المهيمنة المعروفة، التي اغفل بيان قمة القاهرة الاشارة اليها و"مطالبتها"، على الورق طبعا، بالتقليل من تحيزها لما فيه مصلحة وخير جميع الاطراف في المنطقة.

#