عذرا يا فتاة الرافدين

TT

كتب لي احد الإخوان العراقيين يحتج بشدة على اشارتي العشوائية الى المرأة العراقية التي اصبحت «عشرة بفلس». هذه عبارة احتجت عليها قبلك اخريات واعتذرت عنها في حينها. واعيد اليك ما قلته في هذا الصدد ففي الإعادة افادة. لا اجد شيئا يمثل مأساة العراق الحالية كما تمثلها المرأة العراقية. لا الأطفال ولا المرضى في المستشفيات والمقعدون المطروحون على ارصفة الشوارع والجياع الذين يبيعون ملابسهم ليشتروا رغيف يومهم، يمثلون مأساة العراق كما تمثلها المرأة. فكما ترى كل هؤلاء المعذبين تجد صورهم في الجرائد وقنوات التلفزيون ويتكلم عنهم العالم. ولكن مأساة المرأة العراقية مأساة صامتة لا احد يشير اليها. لقد عبرت عنها الأغنية الشعبية «مالي والي» وتوقعت بمآلها. الوف منهن فقدن معيلهن من زوج او اب او ابن او اخ في كل هذه الحروب التي جرت وفي الألوف الآخرين ممن تشردوا او هاجروا الى شتى ديار الأرض. يستطيع الشاب ان يشد رحاله ويشق طريقه الى تركيا ثم اوروبا او أي مكان يستطيع النفوذ اليه. ولكن الفتاة العراقية المجبولة على الخفر والمحافظة والالتزام بأهلها لا تستطيع القيام بذلك. لم اسمع طيلة حياتي في بغداد عن تعدد الزوجات فيها. والآن اسمع عن مهندسات وطبيبات يقبلن بمصيرهن كزوجة ثانية او ثالثة لرجال لا اؤمنهم على بزونة او جريدي. هذه مأساة. وانا كفنان لم استطع غير التعبير عنها بنفس القسوة. معذرة ثانية لمن شعرن بجرح من كلمتي. الأخ عبد العزيز الزيبق، وجد في مشكلة فنجان القهوة والذبابة ما يجسم مهزلة الحياة الروتينية لعالمنا العربي فكتب قائلا: لو ان الزبون كان جالسا في مقهى، فقبل احتساء ذلك الفنجان عليه ان يراجع وزارة الصحة ليحصل على خطاب يوضح التوزيع الجغرافي للذباب وسبب استثنائها من المكافحة، ثم مراجعة الأمن العام للحصول على رخصة الذبابة في الأنتقال من مدينة الى مدينة وتصديق الخطاب من وزارة الداخلية، ثم خطاب من الجمارك يؤكد تطبيق التعرفة الجمركية عند استيراد القهوة وتصديقه من وزارة المالية، ثم خطاب من وزارة الزراعة بعدم وجود اشجار قهوة في المنطقة ليتم استيرادها، وخطاب من البلدية يؤكد تسديد المقهى لرسوم البلدية، ثم موافقة من التجنيد بأعفاء الذبابة من التجنيد والسماح لها بالسفر الى محل المقهى، يلي ذلك كتاب من وزارة الشؤون الاجتماعية يؤهل الذبابة للسقوط في القهوة ثم خطاب من وزارة الصناعة بالموافقة على مواصفات الفنجان وصلاحه لتقديم القهوة. وبعد استكمال كل هذه الوثائق، على الزبون ان يراجع التموين الغذائي للحصول على الموافقة بشرب القهوة بعد سقوط الذبانة فيها. يسألني الأخ عبد العزيز عما اذا كانت هناك حاجة لوثائق اخرى لاستكمال هذه المعاملة. نعم يا سيدي. على الزبون ان يبرزهويته ويبرر جلوسه في المقهى ويبين من اين حصل على ثمن القهوة وهل دفع ضريبة الدخل عنه. الأخ طارق بشير يرجوني تزويده بنص مقالة كتبتها قبل اشهر عن الجواهري. الحقيقة يا عزيزي بشير كان الأفضل بك ان تسألني ان اعيد كتابة المقالة او حتى ان اكتب لك كتابا كاملا عن الجواهري، لا بل وانظم قصائد بقدر ما نظم الجواهري من قصائد، من ان تسألني عن مقالة كتبتها قبل اشهر.