عنترة الجهادي

TT

«إننا في الأساس مشروع شهادة» ـ أحمد جبريل ـ سار «القوميون العرب» مسافة طويلة هاجروا من القومية المثالية وغادروا الحلم الوحدوي الناصري ثم استقروا في صميم الهم الفلسطيني وكلما تأدلجوا اشتدوا تبعثرا أنِسوا عبير الوردة الماركسية فأدمتهم وفرقتهم اشواكها فكان جورج حبش ماركسيا ماويا وكان نايف حواتمة ماركسيا سوفيتيا وظل أحمد جبريل اقلهم آيديلولوجية وأشدهم انضباطا وعسكرية واكثرهم تقلبا بين المعسكرات

* نقَّل جبريل فؤاده وسلاحه في الهوى فكان حبه الاول لعروبته وكان حنينه الاول لمنزل غادره في يافا وكانت فلسطينيته عربية الولاء وكانت عروبته سورية اللون والرائحة والمذاق فيها تعسكر ضابطا في جيشها ومنها انطلق للدراسة في ساند هيرست وظلت عروبتها تذكره بجرحه

* اذا كان كل اسرائيلي يعتبر نفسه رئيسا للوزراء فتحت جلد كل فلسطيني يكمن زعيم أوحد تزعم جبريل باكرا فكان قائدا لمنظمة صغيرة غازل «فتح» فما رضيته قائدا عسكريا صاهر حركة القوميين العرب فانتهى الزواج بالطلاق بالثلاثة فلا حبش المسيح الفلسطيني يقبل بحواتمة الاردني الذي صار فلسطينيا ولا حواتمة يؤمن بغرائز جبريل القيادية

* جبريل رجل لافتات لافتات تحمل لاءات لا للاعتراف لا لأوسلو والكامب والمفاوضات وألف لا ولا لعرفات يُخَوِّنُهُ في المزايدة عليه يتمنى له مصيرا كالسادات لكن يأبى مقاتلته بالسلاح

* يدور الزمن بالفلسطينيين من النضال الى الجهاد من المناضل كاسترو وشي غيفارا الى المجاهد ابي محجن وابي عبيدة يدور جبريل مع الدائرين تأسلمت «القيادة العامة» مر الطريق الى فلسطين بإيران صار المناضل العجوز جهاديا صار حليفا لحزب الله في لبنان لكن لا أحد يزايد عليه عسكريا فهو اول من ابتكر الحزام الناسف اول من دعا لدعم الكلاشنيكوف بالصواريخ المضادة للدبابات

* الفتحاويون يفاخرون جبريل بالاستقلالية خصومه يرونه قيادة «عائلية وراثية» اسرائيل تراها «شقة مفروشة للايجار» اميركا تعتبرها «ارهابية» حلفاؤه يرونه عبقرية عسكرية نوعية المقاتل تسبق عنده كمية المقاتلين لكنها موهبة تركبها غريزة المفاخرة عنترية فلسطينية تعتنق العلنية تُذكِّر الحبيبة عبلة بملاحم البطولة وتأبى التكتم والسرية تنسى ان بيروت مصيدة للمتقاتلين يخترق الاسرائيليون «الشقة» يعبثون بمحتوياتها يغدرون بالوريث المتأهب لسكناها يترجل عنترة العجوز يواري شهيده ينسى في الشيخوخة الدرس والعبرة فيطلق التهديدات العلنية بالانتقام