حرب الجيران النووية

TT

اين نحن مما يجري في الحي المجاور حيث يبدو ان الهند وباكستان تسيران بلا تفكير نحو تجريب اسلحتهما النووية، والعالم يتفرج غير مصدق ان كارثة بهذا الحجم يمكن ان تقع خلال اسابيع بعد ان كان يتحدث عنها مثل احاديث الخيال طوال خمسين عاما.

ها هي الهند وباكستان على شفير الحرب النووية المحذورة ولا احد قادر بعد على حساب مخاطر هذه الحرب المقبلة التي سيزكمنا غبارها الذري وسيعرض العالم الى خطر اعظم من تسريبات شرنوبيل التي سافرت آثارها من روسيا الى دول اوروبا الشرقية.

ازمة الجيران هي امتحان للدول الصغيرة في تعاملها مع الاسلحة الكبيرة، والصغيرة يعنى بها هنا دول العالم الثالث مثل الهند وباكستان. كان يقال ان الاسلحة التدميرية، مثل النووية، لا يمكن وضع ان تستخدم الا في حالة الانتحار الجماعي وهو قرار لا تقدم عليه دولة عاقلة مهما بلغت خلافاتها مع خصومها وبالتالي للاسلحة النووية دور ايجابي في تثبيت الاستقرار لا زعزعته. الآن وبسهولة غير محسوبة تنجر الهند وباكستان في معالجة نزاع صغير، كاشتباكات حدودية، الى حرب تدميرية. أليس هذا الوضع، حتى لو لم تقع الحرب المحذورة، يكشف عن صحة المنطق القائل بضرورة منع غير الدول المسؤولة من امتلاك الاسلحة التدميرية؟ وهو الموضوع الجدلي الذي رفضناه في السنوات الماضية يوم كنا نتنادى بضرورة المساواة بين الدول في شأن امتلاك اسلحة الدمار الشامل تناطحها اصوات تنصح بعدم توريط العالم وقصر امتلاك الاسلحة على الدول الكبيرة المسؤولة. فانه لا يمكن مثل هذه الالعاب الخطيرة في يد شخص مجنون مثل فاجبايي رئيس الحكومة الهندية الذي يعد شعبه بالنصر المظفر على ظهر القنابل الذرية. اليس استعداد الهند وباكستان لاستخدام السلاح في حد ذاته عملا اجراميا بحق شعبي بلديهما؟ وما يصدر عن الهند تحديدا من تهديدات بعزمها على ضرب باكستان قول يخلو من المسؤولية يفترض ان يؤخد على محمل الجد وتحاسب عليه مهما كانت دوافع الهند سواء قوله من قبيل التخويف او استخدام الاسلحة لابادة الخصم. ان موقف الهند تحديدا مثير للقلق لأن فيه محاولة هروب الى الامام بعد عجزها عن وقف العنف الطائفي والتحول الى تصعيد الموقف العسكري ضد باكستان التي لا شك في هذه المرة انها اثبتت تعقلها بعد ان اقدمت على خطوات عملية لتخفيف التوتر ومنع التصعيد. ولأن العالم مشغول بدعوة محاربة الارهاب فان الهند تريد، كما تريد اسرائيل، ركوب هذه الموجة لتصفية خلافاتها مع جارتها الباكستان في قضيتين الاولى هي كشمير المتنازع عليها والثانية العنف الطائفي الذي هو موضوع هندي داخلي يفترض ان تعالجه بمسؤولية واضحة لا أن تقف فيه الى جانب طائفة من مواطنيها ضد اخرى. يخيفنا ما تقوله الهند لانه قد يتحول الى حرب كبيرة يصل غبارها الذري الى كل المنطقة.