شبح السراب

TT

استجابة لضغوط حلفائه الأوروبيين «بأن يفعل شيئا ما» قرر الرئيس جورج بوش ان يرسل مبعوثين جددا الى الشرق الاوسط. فهل يبحث بوش بجدية عن وسيلة لاحياء عملية السلام، ام انه يحاول فقط كسب الوقت؟

من المؤسف ان الخيار الثاني هو الصحيح. ويبدو ان الرئيس الاميركي اقتنع بأن هناك امرا واقعا نشأ في الاراضي المحتلة وأن ادارته يمكن ان تتصالح مع هذا الامر، على الأقل في الوقت الحالي. وبمقتضى هذا الامر الواقع فان السلطة الفلسطينية صارت مجرد ظل لما كانت عليه، مراوحة بين الوجود والعدم. وهي في وضعها هذا يمكن استخدامها كفزاعة في الخطب المبجلة عن «مكافحة الارهاب». وفي نفس الوقت فهي لا تملك من السلطة ما يمكنها من جمع القمامة من المدن الفلسطينية.

وعلى الجانب الآخر فان اسرائيل ربما تكون قد تصالحت مع مستوى معين من العنف، بما في ذلك الهجمات الارهابية التي تحدث من وقت لآخر. ويرى القادة الاسرائيليون ان هذا ثمن يمكنهم دفعه مقابل الحرية التي يجدونها في اقتحام الاراضي الفلسطينية متى شاءوا. ولا شك ان هذا وضع هش الى اقصى مدى. ولكنه يعطي واشنطن الوقت الذي تحتاجه لاعادة صياغة استراتيجيتها في الشرق الاوسط.

والسؤال هو هل ادارة بوش مستعدة فعلا لاجراء هذه المراجعة؟

ان فترة الراحة، اذا كانت هي فعلا هكذا، يجب ان تستغل لتشجيع ظهور قيادة جديدة في اسرائيل. فهذه هي الخطوة الاولى نحو خطة جديدة للسلام. ويمكن لتغيير القيادة في اسرائيل ان يجد انعكاسا له في تعديل التركيبة الحالية للسلطة الفلسطينية من خلال التفويض الشعبي الحقيقي.

ولكن التغيير سواء في اسرائيل او في فلسطين لا يمكن ان يحدث بدون وجود مؤشرات بامكانية تحقيق السلام. ولا يمكن لهذه المؤشرات، بدورها، ان تؤخذ مأخذ الجد ان لم تحظ بدعم الولايات المتحدة. ولم يعد كافيا ان يردد بوش ان لديه «رؤية بوجود دولتين»، فالرؤية يمكن ان تكون شبحا، بل يمكن ان تكون شبحا لسراب ليس اكثر. المطلوب هو ترجمة هذه الرؤية الى مقترحات سياسية محددة لتكون هي جوهر عملية السلام الجديدة. ولكي يحدث ذلك فاننا نحتاج الى جهد حقيقي من قبل واشنطن.

ان مناسبة اخرى لالتقاط الصور في الشرق الاوسط من قبل مبعوثي بوش لن تحقق شيئا. فضلا عن انها يمكن ان تضفي مزيدا من التشويش على «الرؤية».

«الشرق الأوسط»