أسطورة محمد علي

TT

بين الافلام الوثائقية التي اذاعها التلفزيون البريطاني عدة مرات وربما تلفزيونات عالمية اخرى والتي لا يمل المشاهد من رؤيتها عدة مرات، قصة محمد علي كلاي بطل الملاكمة الاميركي الذي أسر قلوب العالم وتوج كبطل محبوب لا ينافسه احد في الشعبية في ملاكمة الوزن الثقيل التي يعشقها جمهور عريض في العالم، واصبح بعد اعتزاله احد رموز الخير والقضايا الانسانية في العالم، اضافة الى رمز لمقاومة مرض باركنسون الذي ألمّ به ولم يقعده بل كان حافزا له على مواصلة جهوده الخيرية والانسانية التي يقدرها الجميع بصرف النظر عن جنسيتهم او دينهم او لونهم.

ويمضي الفيلم في رواية قصة محمد علي من بدايتها ونشأته ومعاناته من العنصرية بسبب اللون وصعوده على عرش حلبة الملاكمة ودفاعه عن حقوق الانسان ورفضه لحرب فيتنام بما ادى الى صدور حكم بحبسه 5 سنوات نقض في ما بعد، ثم اعتناقه الاسلام، والجدل الذي احدثه ذلك في المجتمع الاميركي والوسط الذي يعمل فيه وتتويجه ثلاث مرات بطلا للعالم، ثم منحنى النزول الرياضي بعد ان كبر محمد علي في السن، ومحاولات اقناعه بالاعتزال وهو في ذروة نجوميته، ثم اضطراره للاعتزال بعد الهزيمة وتاريخ حافل خاض فيه 56 مباراة فاز في 37 منها بالضربة القاضية واصابته بمرض باركنسون الى آخر القصة المعروفة للجميع.

ما يتوقف المشاهد امامه كثيرا هو كم الحب الذي يحظى به محمد علي والذي تعكسه تعليقات المعلقين من مختلف المشارب والاهواء والجنسيات، واصرار محمد علي على نشر الكلمة الجيدة عن الاسلام عبر الاتوجرافات التي كان يوقعها لمعجبيه بملصقات وزعت بالملايين، واعتباره نفسه سفيرا للاسلام، حظي بقبول عالمي، الى درجة انه اختير نموذجا للمواطن الاميركي المثالي الذي اشعل شعلة الاولمبياد في اتلانتا واسر قلوب العالم في المشهد الشهير الذي رآه العالم كله وهو يمسك الشعلة بيدين ترتجفان بقوة من تأثير مرض باركنسون والناس كلها تصفق له.

ولا بد ان ينتقل العقل من هذا المشهد الذي جسد فيه محمد علي صورة جميلة لاميركي اعتنق الاسلام واعتبر نفسه سفيرا للاسلام والسلام وتحول الى اسطورة عالمية، الى ما نشاهده اليوم بعد احداث 11 سبتمبر من صورة كريهة حاول البعض اقحام الاسلام فيها لا يستطيع ان يقرها انسان سوي، وتسببت في تنفير الكثيرين في العالم من الاسلام او الخوف منه متصورين، جهلا، ان هذه هي صورة الاسلام.

والفرق بين محمد علي وهؤلاء الذين يحاولون إما جهلا او تآمرا تنصيب انفسهم اوصياء على الاسلام يكفّرون هذا ويوزعون قطع الاراضي في الجنة على ذاك هو ان محمد علي أحب العالم وتعامل مع الناس بالود وبالكلمة الطيبة، وجعل نفسه رسولا للخير والانسانية فأحبه العالم وقدّره وكرّمه، بينما هؤلاء تبنوا ثقافة الكراهية والقتل والشر فلم يحصدوا سوى الكراهية والبغض.