ولادة حلف أطلسي جديد

TT

وُصف مؤتمر قمة روما لبلدان الناتو وروسيا بأنه «تاريخي»، وهو كذلك لأسباب تتضمن قدرا من المفارقة.

فروسيا التي ظلت تسعى للحصول على العضوية خلال السنتين الأخيرتين، لم تصل إلى ما كانت تريده، لكنها أصبحت عضوا في حلف الناتو، بالنسبة لقضية الحرب ضد الإرهاب وقضايا أخرى.

يرى الكثير من أنصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يشبه القيصر بطرس المعاصر، الذي كان يحلم بتحويل روسيا إلى بلد غربي. فبقبوله بمقعد ثانوي في حلف الناتو يأمل بوتين أن يساعد ذلك على دخول بلاده منظمة التجارة الدولية، وبعد مضي عدة سنوات من الآن سيكون بإمكانه تقديم طلب العضوية في الاتحاد الأوروبي.

من جانب آخر، كان على الناتو أن يكيف بعض نظمه ليتمكن من منح روسيا موقعا جديدا ضمن بلدان الحلف. إذ يستحق إنهاء إرث الحرب الباردة التضحية ببعض قوانين حلف الناتو.

تتمثل إحدى نتائج هذا الاتفاق، التي لم تثر الانتباه، في أن الناتو نفسه كف عن الوجود من حيث كونه حلفا دفاعيا للبلدان الواقعة على طرفي المحيط الأطلسي. أما الناتو الجديد الذي امتد ليشمل الشرق الأقصى، فهو كي يكون، جاهزا أيضا لخوض الحرب، عليه أن يكون قادرا، وفي أقل الحالات، على خوض الحرب ضد الإرهاب.

التغير الكبير الآخر يكمن في أن الولايات المتحدة، التي تشارك بثمانين في المائة من القوة القتالية للناتو، أصبحت تتعامل مع الحلف كأنه حوض للخبرات والقدرات العسكرية، تستطيع أن تنتقي منه ما تشاء حسب ما يقتضيه كل وضع على حدة.

ومع كل الاحتجاجات التي أثارتها بعض البلدان في العديد من المناسبات، استطاعت بعض البلدان مثل ألمانيا وفرنسا أن تحول الحلف إلى شيء قريب للنادي. وفي هذا النادي الجديد، سيكون للولايات المتحدة بعض الحلفاء الموثوق باخلاصهم مثل بريطانيا وكندا وبولندا وهنغاريا وتركيا، تتبعهم بلدان حليفة أقل نقدا وأكثر دعما لها، مثل إيطاليا وإسبانيا. ستشكل روسيا فصيلة لوحدها، أما الأعضاء الباقون، وضمنهم فرنسا وألمانيا، وبلدان البونيلوكس، والدنمارك والنرويج واليونان، فيأتي استخدامهم حسب كل قضية.

كل ذلك، يعني أن الناتو سيكون من الآن فصاعدا، فعالا فقط، في حالة تعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر. في الوقت نفسه، يمكن القول إن قمة روما قد فتحت الباب لإمكانية أن تصبح أوروبا بأكملها منطقة سلام، لأول مرة منذ ألفي عام.