انتخابات الجزائر: المشاركة والنتيجة

TT

للمرة الثانية خلال عشر سنوات توجه الناخبون الجزائريون الخميس الماضي الى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد للبلاد. ورغم الدعوة الى مقاطعة الانتخابات من جانب احزاب المعارضة، فان نسبة كبيرة من الجزائريين اكدوا تمسكهم بالانتخابات كوسيلة اساسية لتنظيم، بل اعادة تنظيم، حياتهم الوطنية. هذا بدوره يعني ان الجزائريين باتوا يرفضون تماما العنف كوسيلة للتعبير السياسي.

ويمكن القول ان الهدف الرئيسي من انتخابات الخميس الماضي هو تكريس مبدأ الشرعية الانتخابية في اختيار ممثلي الشعب في السلطة التشريعية. ولعل ابرز ما لفت الانظار في النتيجة ان جبهة التحرير الوطني، التي ظلت تحكم البلاد طوال ثلاثين عاما تقريبا، حققت فوزا بيّنا سيتيح لها الفرصة للعودة الى ممارسة دور اكبر في الحياة السياسية في الجزائر. في الوقت نفسه لم يخذل الناخب الاتجاهات الاخرى، وخصوصا الاتجاه الاسلامي، فمنحها تمثيلا يؤمل ان يتيح لها ممارسة دور ايجابي يزكي التجربة الديمقراطية ويمنحها قدرا اكبر من المصداقية. وفي كل الاحوال فان الانتخابات حققت ما هو مأمول منها من حيث التأكيد على دور الانتخابات كوسيلة سياسية حضارية، خصوصا عند ملاحظة ان الدعوة الى المقاطعة لم تحل دون المشاركة الشعبية في الانتخابات، وهي مشاركة تظل نسبتها، التي بلغت 47 في المائة، نسبة جيدة قياسا الى ما تشهده الممارسة الديمقراطية في العديد من الدول الاوروبية، حيث لا تتجاوز نسبة المقترعين احيانا الثلاثين بالمائة من الذين يحق لهم التصويت.

من هنا، تبدو انتخابات الخميس الماضي في الجزائر لافتة للنظر، سواء من حيث نسبة المشاركة او النتيجة. المؤمل الآن هو ان تمضي الجزائر قدما في ترسيخ تجربة التعددية، وأن تتنبه احزاب المعارضة الى حقيقة ان المقاطعة هي موقف سلبي يضر الممارسة الديمقراطية اكثر مما يفيدها.