النقيدان طبيب غير حادق

TT

سأفضح من اندس بينهم أو تمترس خلفهم فالناس لن يعجزهم فرزهم من بين الشرفاء الصادقين.. تريدون ان نشاركهم الجريمة لندعهم ينسلون من فعلتهم؟.. إنهم واهمون ولن ندعهم يخدعوننا ولن نخفي شماتتنا فيهم!! أما بيانهم فإنه ساقط من مسيرة الوطن.. أريد فضح محتواه..).

لا تظن عزيزي القارئ أنني أريد فضح وكر من أوكار العمالة للعدو، ولا تخالني أريد تعرية مخطط لعصابة مخدرات أو هتك استار خلية اجرامية لتهريب المومسات، بل لا يذهب بك الخيال بعيدا فتحسبني اريد التشهير بمجموعة من قطاع الطرق أبغي فرزهم من بين (الشرفاء الصادقين) في شعبنا، هذه بكل بساطة اوصاف متفرقة أطلقها السيد سليمان النقيدان ـ في مقالة له في هذه الصحيفة في 25/5/2002 ـ على فئة من العلماء والمثقفين السعوديين اصدروا بيانا للرد على بيان مماثل للمثقفين الاميركيين.

وكما يرى القارئ الكريم فحجم زاوية المقال هنا أصغر من أن يرد على تفاصيل مقالة الاستاذ النقيدان ذات الانياب الحادة، ناهيك من ان يتعرض لبيان المثقفين السعوديين الذي اثار جدلا واسعا ما بين مؤيد ومعارض وهو ما أعتبره ـ أي الجدل والنقاش حوله ومدحه وقدحه ـ ظاهرة صحية كالمخاض بآلامه وآماله يعقبه خروج مولود (حواري) سليم معافى تنتفع به أمه أو (الأمة)، هذا اذا رعينا الجنين حق الرعاية ولم (نفرز) أمه من الشريفات الصادقات، ولم نعتبر حملها جريمة تستدعي الشماتة والفضح عند الله وعند الخلائق.

حقيق علينا ان نعترف بأن واحدة من ايجابيات هذا البيان انه اظهر بثورا في جسدنا على هيئة نقد، الى الشماتة والتجريح اقرب منه الى النقد الموضوعي كالمقالة النقيدانية، لتثبت ـ وهي التي اصلا تناقش أزمة الحوار ـ أننا لا زلنا في طور المهد في استخدام آليات النقد وابجديات الحوار.

السيد النقيدان (طبيب) غير حاذق حاول استخدام مبضعه في ازالة طبقات (كلسترول) التخلف الحضاري التي تراكمت على جدران شرايين الحوار لعله ينقذ المريض من جلطة حضارية مفاجئة فزلق مبضعه (المتوتر) الى قلب أزمة الحوار ليحدث فيه نزيفا داميا حادا.

لو كنت مكان النقيدان ولست مكانه لما استخدمت سكينا حادة لأشق عن قلوب الناس، ولغلبت المصلحة العامة والحس الوطني على استصحاب التوجسات واثارة احقاد دفينة ولأخذت الناس على ما أظهروه حتى لو اخذتني الظنون السيئة بغيري كل مأخذ، فمن تقرب اليك منهم شبرا فتقرب اليه باعا ومن حاور غيرك من الأباعد فجدير ان يحاورك وانت من الاقارب، ومن تراجع منهم عن رأي. رأى غيره اصوب منه فافرح لهذه الشجاعة الأدبية ولا تشمت بهم وبك وبوطنك الاعداء، فأنت وهم اعضاء في جسد واحد، ولا اعرف مريضا حصيفا يطلب شفاءه في التخلص او حتى تشويه اعضاء جسده السليمة.

أقول للأستاذ النقيدان وبالفم الملآن: لا تصمت ايها الناقد ولا تتوقف عن طرح الأسئلة المحرجة، فليس ثمة من يخرج عن دائرة الخطأ والمعصية والزلل إلا الملائكة والأنبياء، فلا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فيهم أو في غيرهم ان لم يسمعوها، فما حل بأمتنا العربية من الرزايا واوقعها في العديد من البلايا إلا لأنها أضفت قدسية على بشر وجعلتهم فوق النقد وفوق الملاحظة وفوق المساءلة وفوق الرقابة فأردتها هذه (الفوقيات) الى مهاوي التخلف وطوحت بها الى مراتع الفساد، لكن.. لا يكن نقدك ايها النقيدان بعبارات متوترة ولا تحشر تساؤلاتك بكلمات متشنجة فصدقني ان النقد الهادئ والتقويم المتزن أبلغ في التأثير وأدعى للقبول.