استغلال الشرف

TT

اشرت يوم امس الى استعمال المخابرات الاسرائيلية للصور الفاضحة كوسيلة من وسائل ابتزاز الفلسطينيين لأغراض التعاون معها. لقد توسع هذا النوع من الابتزاز الأخلاقي او بالأدق «الشرفي» في السنوات الأخيرة على نطاق عالمي رهيب. وهو إن دل على شيء فعلى تدني الاعتبارات الأخلاقية التقليدية. اغتصاب النساء شيء شائع في الحروب، مارسه على نطاق واسع الفايكنغ الاسكندنافيون ضد الانكليز في القرون الوسطى، والسوفييت ضد الألمان في الحرب العالمية الثانية. بيد ان تقاليد الفروسية من الناحية الأخرى استفظعت مثل هذا العمل، بل بالغت فيه الى حد اعتباره واجبا على الفارس ان يسرع لإنقاذ وحماية المرأة. كذا فعل الفاتحون العرب وغضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه على خالد بن الوليد وطرده من القيادة بسبب ما قيل عن تجاوزه هذا العرف في حرب الردة. استمرارا لهذه التقاليد، ابت الجيوش الحديثة بصورة عامة استعمال الجنس كمكافأة للجنود او الانتقام من العدو او ابتزاز العدو واخضاعه. بيد ان تطورا خبيثا لم تعرفه البشرية من قبل نشأ وطورته اجهزة المخابرات والأمن في استغلال الجنس للحصول على المعلومات او ابتزاز الخصم او كسر معنوياته. المؤسف ان هذا الأسلوب وصل الى اسوأ مراحله في بعض جهات الشرق الأوسط. من الشائع للمخابرات، وبصورة خاصة الاسرائيلية، ان تستخدم الحسناوات في الحصول على ما تريد كما فعلت في اختطاف مردخاي فنونو، او التجسس على معلومات المسؤولين العرب والأجانب. ولكنني لا استطيع ان اخفي تقديري لتعفف الإسرائيليين عن عمليات الاغتصاب في كل حروبهم معنا وفي تعاملهم مع المعتقلات، باستثناء حوادث فردية محدودة. كما لم يستعملوا الاغتصاب كأسلوب للتعذيب او الانتقام اوالابتزاز او كسر الأرادة ، مما تستعمله مع الأسف بعض الأجهزة العربية ضد مواطنيها. اشرت بالأمس الى الأهمية القصوى التي نعطيها لموضوع الشرف، شرف النصف الأسفل من الجسم، من السرة وما دون. من آخر امثلة ذلك انتحار صبية جزائرية في بريطانيا لمجرد تصويرها وهي نائمة نومة كشفت عن بعض جسمها. انتبهت بعض اجهزة الأمن العربية لهذه الحساسية الشرفية. وفي تهالك بعض الأنظمة على البقاء في الحكم بأي ثمن، اطلقوا يد هذه الأجهزة لتقوم بما لم تشهده البشرية مطلقا من قبل. شمل ذلك اغتصاب المعارضين والمشتبه فيهم واغتصاب أعراضهم، غالبا بأبشع الصور الشاذة والسادية، وتسجيل كل ذلك بشرائط صوتية ومرئية وفوتوغرافية للتشهير والابتزاز والضغط واستخراج المعلومات والاعترافات. ثم تعدى ذلك الى التهديد بفعله. وكالعادة في هذه المنازعات بين الرجال، ظلت المرأة كبش الفداء. اصبح موضوع الشرف الذي قدسناه الوسيلة الطيعة والمثلى من وسائل القمع والحرب النفسية وهدر شرف الأمة والوطن. فلا شرف لأمة او وطن تغتصب فيه اعراض مفكريها ومثقفيها ومواطنيها عموما من اجل فئات لا شرف لها.