كرة بلا إبداع

TT

مارست النقد الرياضي في بداية حياتي الصحافية، وخلال العشرين سنة الماضية تابعت تغير مدارس الكرة وخططها واساليب لعبها المختلفة، وقرأت وسمعت ورأيت ما يجري في ملاعب العالم من تفسير في الخطط والتكتيكات وخرجت من ذلك كله بنتيجة ان خطط اللعب المعاصر تقضي على اللاعبين المبدعين، او على الاقل لا تسمح بظهورهم الا في النادر القليل.

مدارس الكرة المعاصرة على تنوعها تعتمد تكتيكا واحدا هو تضييق المساحات والضغط على الخصم، وهكذا عندما تنتقل الكرة من لاعب الى زميلة ينقض عليه على الفور ثلاثة من لاعبي الفريق المنافس ومن النادر ان يتمكن اللاعب من المرور من ثلاثة لاعبين في مرونة، واقصى ما يستطيع ان يفعله او يلعبه ان يمرر الكرة الى زميل.

اسلوب تضييق المساحات والمسافات والضغط على الخصم لم تعد تسمح بظهور اللاعب المبدع الذي يستطيع ان يتلاعب بالكرة فليست هناك مساحة تسمح له بذلك كما كان يحدث في الماضي.. لم يعد يمكن لـ«بيليه» مثلا كما تشاهد في شرائطه القديمة ان يستقبل الكرة على صدره ثم على فخذه ثم على قدمه ثم يقذفها تحت الثلاث خشبات فيسجل هدفا جميلا تصفق له الجماهير ويمتدحه النقاد.

وفي العشرين سنة الماضية ظهرت لعبة خط الوسط الذي كان يتكون من لاعبين فقط، والآن فان هذا الخط يتكون من اربعة او خمسة لاعبين يواجهون، وخلفهم خط الدفاع، اللاعب المتقدم (الفورورد) بحيث يصبح المرور منهم مستحيلا اذا كان قلب الهجوم هذا وحيدا كما في خطط المدربين الذين يلعبون بترتيب (3/5/1/1) اي اعتماد الزيادة العددية في مواجهة المهارة الفردية! وفي العشرين سنة الماضية اعتمدت خطة الكرة الشاملة التي لا يتقيد فيها لاعب بمركزه بل يجري بالكرة وبدونها طول الوقت مما جعل اللياقة البدنية والسرعة هي اساس لعب الكرة العصرية وليس الموهبة.

الكرة العصرية معركة عنيفة يدور رحاها اساسا في خط الوسط مما يقلل عدد الاهداف، حتى انني شاهدت مباراة في التلفزيون بين «ليون الفرنسي» و«بايرن ميونيخ» الالماني فعل اللاعبون فيها كل شيء الا تسجيل الاهداف فكانت في الحقيقة معركة على لا شيء!