من أحداث الأسبوع

TT

* هذا رجل دين اضعه على رأسي، لا سيما وانني سمعت بحكايته بعد كل حكايات الفضائح الجنسية التي شوهت سمعة الكنيسة الكاثوليكية في الغرب في الأشهر الأخيرة. جاء الآن دور هذه الكنيسة لتعتز بما فعله الأسقف باتريك اودونوغ الذي بادر الى بيع بيته الكبير بمبلغ مليون باوند ووزعه على المشردين واللاجئين ومشاريع حوارالأديان. سألوه اين سيعيش اذن وقد باع بيته؟ قال مع من وزعت عليهم الفلوس، سأعيش مع هؤلاء المستضعفين في احيائهم الفقيرة لأفهمهم ولأساعدهم. كواحد منهم، هل سيصيبه شيء مما وزعه؟

* المعروف عن سواق سيارات التكسي في كل العالم انهم مصدر غني بالمعلومات عما يجري في البلاد وما يحدث للناس. قلما تقرأ تقريرا صحافيا دون ان تلاحظ كيف يبدأ المراسل بالقول، «قال لي سائق التكسي...» وكان سائق التكسي رئيس الحكومة في ذلك البلد. ولهذا السبب عمدت الحكومات الشمولية الى استخدام جواسيسها ووكلائها في هذا العمل ليغذوا الأجانب ومراسلي الصحف بالمعلومات الزائفة وليتجسسوا عليهم بعين الوقت. كانوا في ايام زمان يستخدمون العاهرات لهذا الغرض ولكن في هذه الأيام لم يعد لهؤلاء الزائرين حاجة للعاهرات. وعلى كل فقد التفت بعض علماء الاجتماع الى ظاهرة اخرى تتعلق بسواق التكسي. وهي ان المواطنين والمواطنات الذين يعانون من مشاكل او مآس صعبة طالما يفتحون قلوبهم لسائق التكسي وهم في طريقهم الى محكمة الطلاق مثلا او الى مركز الشرطة او ملاجئ الزوجات او المستشفيات ونحوها. يجلسون في التكسي ويكفكفون دموعم ويشكون للتكسي مشاكلهم. وبالطبع اعتاد السائق على التعاطف معهم والتخفيف عن شجونهم واحيانا يوجههم الوجهة الصحيحة او يسدي لهم بالنصيحة المفيدة. وبالنظر لتكرر فشل العاملين الاجتماعيين في مهماتهم، فقد رأى هؤلاء العلماء بأن سواق التكسي في الواقع افضل من يستطيع تقديم المساعدة لهؤلاء التعساء والتعيسات. وتقرر الآن اعطاء دورات دراسية خاصة في علم النفس وعلم الاجتماع لسواق التكسي ليقوموا بهذه المهمة بصورة مهنية موفقة. وهذه محنة جديدة لمن يريد ان يشتغل سائق تكسي. لن يسألوه في الامتحان عن ميكانيك السيارات وخرائط المدينة وانظمة المرور وحسب، بل سيمتحنونه ايضا الآن بما يعرفه عن عقدة اوديب ومركب النقص وازدواج الشخصية وهات ما عندك. وطالما اصبح الأمر كذلك، وكل هذه المشاكل المتعلقة بفساد السلطة وعنجهية اسرائيل وتشرذم وحدة الكلمة وشحة النصح المخلص، افلا يجدر بالرئيس عرفات ان يذهب الى لندن ويبحث عن سائق تكسي يشكو له همومه ويسأله النصح في سبيل الله؟

* ليس ياسر عرفات فقط. المخرج المسرحي الايطالي رونكوني هو الآخر يحتاج الى سائق تكسي يشكو له همومه. قدم كوميديا «الضفادع» للكاتب الاغريقي الساخر ارستوفان واخرجها بحيث حولها الى سخرية من الحكومة الراهنة. تضمن ذلك عرض ثلاث صور كاريكاتيرية كبيرة لرئيس الوزراء. ولكنه اضطر الآن الى استبعاد هذه الصور بعد ان هددته البلدية بقطع المساعدة للمسرح. لم يعد له غير ان يلبي طلبها ولكنه قال بهذا الأضطهاد لحرية الفكر سيفكر بالهجرة من ايطاليا. لم يقل الى اين. لكنني لو كنت سائق تكسي في روما وجاء يسألني لقلت له اذهب الى بلد عربي. ليس لأن الحرية فيه ستكون افضل مما في ايطاليا ولكن ليتعلم على الصبر وطاعة أولي الأمر كما تعلمنا.