مطلوب «لا» أميركية رداً على «لاءات» شارون

TT

لم يسبق للمشهد السياسي في الشرق الاوسط ان كان واضحاً تمام الوضوح كما هو الآن. ولم يسبق ان وصلت المطالب الاسرائيلية الى السقف الذي نجدها فيه اليوم.

فرئيس الحكومة الاسرائيلي أرييل شارون، الذي يجوز وصفه بأشد حكام إسر ائيل تطرفاً في تاريخها، يزور الولايات المتحدة حالياً وفي جعبته جملة من «اللاءات» المطوية في تلافيف ما يتصوره على انه مطالب. وفي رأس هذه «اللاءات» ـ المطالب، النسف الفعلي لآفاق قيام دولة فلسطينية، والالغاء الكامل لمعادلة «الارض مقابل السلام»، والترسيخ النهائي لحالة الاحتلال وفرص التوسع عبر التلويح بـ«الترانسفير» إذا خطر ببال البعض تحدي «الأمر الواقع» الجديد.

اكثر من هذا، شارون يمارس هذه السياسة على ارض الواقع بلا حسيب او رقيب. فتكرار التوغل والاقتحامات للأراضي الفلسطينية يعني عملياً سحب إسرائيل اعترافها بالسلطة وصيغ المراحل المختلفة من اوسلو وكامب ديفيد وشرم الشيخ. وعمليات النسف والجرف والاعتقال والتصفية والإبعاد ومواصلة بناء المستوطنات ...كلها تؤكد بصورة لا تترك مجالاً للشك في ان شارون وأركان حكمه حسموا امرهم إزاء مستقبل الضفة والقطاع. واخيراً ان ابتزاز السلطة الفلسطينية بموضوع «إصلاح» ذاتها تحت طائلة فرطها وشطبها من اي «سيناريو» تفاوضي يعني ان العد التنازلي لسحب الاعتراف بها كـ«شبه» سلطة كما هو حالها اليوم قد بدأ وبخطى متسارعة.

هذه المؤامرة القديمة ـ الجديدة تطير طبعاً في وجه مبادرة السلام العربية، والاصرار العربي على اعلى المستويات على ايجاد ارضية مشتركة مع واشنطن، وابداء اقصى قدر من النيات الحسنة إزاء الاوضاع الاقليمية. وفي المقابل، ثمة حالة من الاحتقان في الشارع العربي ضد واشنطن غير مسبوقة، حذرت منها بعض الاقلام الرصينة حتى في وسائل الاعلام الاميركية. ولا شك ان الادارة الاميركية الحالية على بينة من المزاج العام في الشارع العربي، سواء عبر استخباراتها او بعثاتها الدبلوماسية او كبار الزوار الذين اختاروا ان يصدقوها القول من منطلق الصداقة والحرص على المصالح المشتركة.

وبالتالي، فانه مطلوب من واشنطن، إذا كانت حقاً مهتمةً بابقاء خيارات الاعتدال والايجابية، ومدركةً أهمية احتواء مخاطر التفجر في المنطقة، ان ترد على «لاءات» شارون الكثيرة بـ«لا» واحدة كبيرة عريضة من عندها.

«لا»... للسير بالشرق الاوسط الى حافة اليأس، مع كل ما يمكن ان يولده هذا اليأس من ردات فعل خطيرة، الجميع في غنى عنها.