الشعراء في إخوانياتهم

TT

المعروف عن الشعراء في اخوانياتهم ان تأتي هذه الاخوانيات في اطار المداعبة والمذاكرة والمعاتبة بين الاحياء منهم ـ وان كان بين احيائهم من هم في عداد الاموات ـ وما اكثرهم. ومع ذلك فقد اصبح غياب البعض منهم مناسبة للتنفيس عن عواطف اخوانية صادقة. في يوم الاربعاء 29 مايو (ايار) الماضي، غيب الموت شاعرا واديبا من عمالقة ادباء وشعراء الخليج واصحاب الفضل في نهضته الفكرية المعاصرة هو ابراهيم العريض، صاحب ديوان «العرائس» الذي اعتبر نقلة في التطور الادبي للمنطقة. كان صديقنا تقي محمد البحارنة من اصحابه المقربين، ولم يستطع غير ان ينفس عن مشاعره في ابيات اخوانية تفضل علينا بشيء منها حيث قال:

أبا الشعر طال انتظار القوافي فهلا أجبت لهن التماسا وأطلقت من سجنه طائرا تغنى له الروض شوقا فماسا عرائس «غابت تغاريدها» وطالت على المعجبين احتباسا أرى الحزن يعتصر المقلتين وما طبع مثلي ان يتناسى بكى القلب قبل بكاء العيون عليك، وأفضى شجاه وقاسى يقولون مت، ولو أكملوا لقالوا تجرعت في الخلد كاسا ارتبط الكاتب المصري الساخر محمد المويلحي بصداقة عميقة مع ذلك الشاعر الظريف الساخر حافظ ابراهيم. جاءت وفاة المويلحي مناسبة تاريخية لتشييع جثمان هذا العلم من اعلام الادب السياسي الحديث، وكان في مقدمة مشيعيه شاعر النيل. لم يتمالك وهو يسير في جنازته نفسه من ان ينفث بهذه الابيات الثلاثة:

غاب الأديب أديب مصر واختفى فلتبكه الأقلام أو تتقصفا لهفي على تلك الانامل في البلى كم سطرت حكما وهزت مرهفا مات المويلحي الحسان ولم يمت حتى غزا «عيسى» العقول وثقفا الاشارة لعيسى هنا، كانت تذكرة لتلك المجموعة الادبية الرائعة التي نشرها المويلحي «حديث عيسى بن هشام». قال الشاعر هذه الابيات الثلاثة وهو يسير وراء نعش صديقه، ثم يعود الى داره فيستعرض حياته ومواقفه الفكرية فيرثيه بقصيدة طويلة يعرج فيها على نضاله من اجل حرية الفكر:

جزت سبعين حجة لا تبالي بشهاد تعاقبت أم بصاب وسواء لديك والرأي حر روح نيسان او لوافح آب عشت ما عشت كالجبال الرواسي فوق نار تذيب صم الصلاب