«الهامور»: رأيان من الخليج

TT

ذكرت في مقال سابق انني حاولت معرفة اصل تسمية «الهامور» فلم اوفق. وتلقيت اتصالاً هاتفياً من الاستاذ عبد الله المسعود في ابوظبي الذي كلف نفسه شرحاً مستفيضاً خلاصته ان «الهامور» كلمة اعجمية. وقد اطلق الخليجيون الاسم على هذه السمكة لأنها اتكالية وغير جارحة. وهي ليست من فرسان السمك. وتلقيت من المؤرخ الاستاذ يوسف احمد الشيراوي تعليقاً يفيد بالعكس. وسوف يتلو هذه المقدمة. لكن قبل ذلك احب ان اوضح ان الشيراوي يقول بأن كلمة دسر لا تعني المسمار وان الخليج لم يعرف المسامير الا مع البرتغاليين. وغني عن القول ان احدا لا يستنبط الكلمات لنفسه او لحسابه. وقد اشرت الى المصدر يومها، وأحيل الاستاذ الشيراوي مرة اخرى على «المخصص»، الجزء العاشر، وفيه عن ابن دريد ان «الدسر هي المسامير. وقد دسرتها به دسرا. وكل ما سمرته فقد دسرته». واليكم رسالة الصديق صاحب المعارف: الهامور صيغة مبالغة «الهمار»، والهمار هو «ما عظم من الشيء» ونطلقه في الخليج على اكبر سمكة مقيمة في الخليج اي لا تزورنا في فصل الشتاء فقط من البحر العربي كبعض انواع التونا. وصيغة المبالغة (الفاعول) مستعملة عندنا في الخليج. فالساطور هي سكين الجزار الكبيرة، والريح التي تعفر بالتراب والغبار نسميها «العافور»، والريح المتحركة الدائرية نسميها «الدالوب» وهكذا. والهامور مثل الهاون اكبر ما فيه فمه فهو لا يقضم ولا ينهش فريسته بل يبلعها مرة واحدة. ويترك لعصير معدته لتفتيتها وهضمها. كان خالي رحمه الله يقول دائماً بأن بطن الهامور «سوق سمك» لكثرة ما يحتويه من الاسماك والسرطانات التامة بقشرتها الكلسية. والاخوان في الكويت يطلقون على الذين يعبون المال ويبلعونه بدون تعب بالهوامير. «القرقور» اداة صيد وهو قفص يوضع في قاع البحر تدخله السمكة ولا تعرف كيف تخرج. والبلد والبلدة تعني قياس عمق البحر ومعرفة طبيعة قاعه فاصداف اللؤلؤ تحتاج الى قاع صخري لتنمو عليه لا الى قاع رملي او طيني. والخور عندنا في الخليج هو الماء العميق المقارب للساحل الذي ينحسر عنه الماء اثناء الجزر، وعندنا في البحرين خور المحرق والمدعي والمزروعية.

والدسر لا تعني اصلاً المسامير، ودسر لا تعني سمر، فلم يعرف الخليج الحديد ووضع المسامير في السفن الا في القرن السادس عشر عندما احتكوا بالبوارج الحربية الغربية. كان الخليجيون يستعملون الحبال الدقيقة (الدسر) لربط الالواح. ويبردون جوانبها حتى تتقارب ثم يضعون بينها طبقة من الغراء لمنع الماء من التسرب، وما يتسرب يومياً «ينزف» بواسطة الجرادل وحديثاً بالمضخات الميكانيكية.

ولإتمام البحث فإنك عندما تحدثت عن الخلايا والسفن العدولية نسيت حماك الله ان تشير الى شاعر البحرين البحار طرفة بن العبد عندما قال: عدولية او من سفين ابن يافي ـ يجور بها البحار طوراً ويهتدي اليس هو الشاعر الوحيد الذي لم يتحدث عن سفينة الصحراء بل تحدث عن «جمل الماء».

كأن حدوج المالكية غدوة ـ خلايا سفين بالنواصف من دد