الكاتب والبهلوان!

TT

الكاتب ـ أي كاتب ـ يبذل ما بوسعه لتكون معلوماته دقيقة، ويفكر ألف مرة قبل أن يبدي رأيا في موضوع، ويجتهد بقدر ما يظن ليعلق على رسالة قارئ. ورغم كل هذا الاحتياط، والحذر، والبحث فقد يخطئ الكاتب في معلومة ما وقد يبدي رأيا غير دقيق، وقد يجانبه الصواب في تعليق ما.

والقارئ يظن أن الكاتب دار للإفتاء، ومركز للمعلومات، ومحكمة للتشريع، وموسوعة للتاريخ، وورشة لإصلاح السيارات، ومستشفى للاستشارات الطبية، وطبيب نفسي، ومهندس زراعي، وشاعر، وكاتب قصة، ولاعب كرة، ورائد فضاء، ورائد شرطة، وعالم ذرة، وعالم ببواطن الأمور، وعالم بالحال.

والحال أن الأمر ليس كذلك، وقد يكون السائل ـ كما يقولون ـ أعلم من المجيب ـ والمسألة أن الكاتب ـ بجانب ثقافته ـ قادر على التعبير عن رأيه، وهذا الرأي قابل للصواب والخطأ. من أجل أن تثور المعارك بين الكتاب، وتفتح الصحف والمجلات صفحاتها لتصويب القراء، أو ذوي الشأن أو أصحاب الاختصاص الذين أبدى الكاتب رأيه فيهم أو في أعمالهم.

ولم يوجد في التاريخ الكاتب الذي يعرف كل شيء، والذي لا يخطئ، ولا أظن أنه سيوجد حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

فلا تغضب يا أخ حسين محمد صادق لأنني اضطررت للهزار مع قارئ طلب مني حل مسابقة نشرتها إحدى الصحف ليكسب جائزة .. دراهم معدودة .. فقد كان ضمن بريدي في نفس الأسبوع رسالة من قارئ يطلب حلا لعدد من الكلمات المتقاطعة، وأخرى يطلب صاحبها البحث عن شقة مفروشة، وثالثة يطلب صاحبها شراء سيارة بالتقسيط على أن أتولى أنا دفع الأقساط التي سيقوم هو بإرسالها في ما بعد، ورابعة تطلب صاحبتها مني العثور لها على.. ابن الحلال..! وأحسست أنني تحولت إلى بهلوان في سيرك، وأن المطلوب مني أن أبتسم ووجهي تغطيه الدموع.

رجاء أن تصفح عني، وأن تدعو لي، وأنت تطوف حول الكعبة المشرفة.