في اللغة هو اسم موقع كثير النبات

TT

كلما انتقلنا في دبي من موقع الى موقع، مررنا بأسماء من البادية. اسماء توحي بأن في الزمن الماضي كانت هنا قرى تنوخ فيها الابل أو تسقى فيها الخيل أو يكثر فيها الكلأ. ومكان ذلك كله قامت الآن ناطحات باسقة ولم يبق من المسمى سوى الاسم. واكثر ما يلفت نظري اسم «البرشاء». وكنت اظنه مكاناً عثر فيه على افعى برشاء. ففي الماضي كانت الصكوك العقارية في لبنان تثبت مثلا ان «قطعة الارض العائدة لفلان يحدها شمالاً صنوبرات ابو اسعد وجنوباً صهريج ام يوسف وشرقاً محل قتل الحية السوداء التي لا تنسى لحجمها».

ساء ظني في برشاء دبي. فالأرض البرشاء والربشاء والرشماء والرمشاء هي الكثيرة النبات. والمكان الأبرش هو الكثير الشجر. فاذا كثر العشب ببلد والتف قيل واد مُغِن. وقال الأصمعي المُغن هو الذي اذا جرت عليه الريح سمعت لها غُنة من التفاف النبت. والخصب عند العرب هو قمة السعادة وذروة الاكتفاء. وهو الكلأ والماء معاً. وقوم مخصبون كثر طعامهم وشرابهم. ولا يقال لأرض مجدبة او ممحلة اذا كان فيها كلأ رطب او يابس. والخصب معناه الحياة. وسمي الغيث غيثاً لأنه يحيي. واذا ما كان العام مليئاً بالكلأ والكمأة والجراد سمي عام الماء. والعام الخصيب ايضا عام الفتق. ويقال سنة غيداق وارض غدقة.

والفلاة سميت لأنها فليت عن كل خير. وقيل هي التي لا ماء فيها. وسميت التيماء. وقيل البيداء لأنها تبيد من يحلها. والمفازة والقفر والقفراء، اي الخلاء من الارض. وقيل اليهفوف. وقيل ارض مضلة وتيهاء. والارض اليهماء التي لا يهتدى بها. وفلاة مجمعة هي التي يجتمع فيها القوم خوف الضلالة. وخوقاء، اي لا ماء فيها. ويقال فلاة قُذُف، اي بعيدة تقاذف من يسلكها. والكَفُر هو ما يعد من الارض. وهي القرية ومنه الحديث «يخرجكم الروم منها كَفراً كفرا».

وتستخدم هذه السابقة كثيرا في تسمية القرى اللبنانية: كَفَر رمان، كَفَر ذبيان، كفَرَ شيما... الخ. والكافر في قول العامة هو ما بَعُدَ من الارض لا يمر به احد. ومن حل بذلك الموقع فهو من اهل الكفور. وهي قرية حل فيها الرئيس سليمان فرنجية عندما ارغم على ترك القصر الجمهوري اول الحرب اللبنانية.

والفضاء، المكان الواسع. ويقال البَدَح، والبداح الأرض اللينة الفسيحة. وكذلك الندح. والجمع انداح. ومنه «لك عن هذا الامر مندوحة»، وهو المصطلح الذي يستخدمه كتابنا اليوم معكوساً، بقولهم لا مندوحة لك عن ذلك. والنداح الواسع. والفلطاح كذلك. ويقال رأس فلطاح. والعامة تقول «مفلطح». ومكان فياح، ايضاً للسعة، ويقال مكان افيح وروضة فيحاء. ومنها كنية طرابلس، مدينة عزيزنا الرئيس امين الحافظ. والارض الواسعة المطمئنة تسمى الخفقة كما في خفقة القلب. والبُصرة الارض الطيبة الحمراء. وقال ابن سيده انها غير البصرة بالفتح. البَصرةُ من الحجارة. وبها سميت البصرة بصرة، كما سميت الكوفة كوفة بالرمل. واما منعرج اللوى الذي ابكى شعراء الجاهلية فهو ما استرق من الارض وهو منبات لا قاحل. والدارة هي الديرة التي يعتبرها اهل الخليج وسط البلد كما في دبي، او اهل البلد الأوائل كما في الكويت، او اهل القبيلة كما في اغنية سهام رفقي «يا ديرتي مالِك عليَّ لوم، لومك على من خان». وأصل الكلمة التدوّر حفظك الله. ويقال الروضة. واصغر الرياض مائة ذراع. ويقال اروضت الارض واستروضت، واراضَ الله البلاد جعلها رياضاً.