الوجه البشع للإرهاب

TT

هل عادت روح الاغتيالات السياسية للظهور مرة أخرى على الساحة الأوروبية؟ قد تفتقد المحاولة، التي تعرض لها شيراك يوم أول من أمس، المهارة المهنية، لكنه ليس من السهل القول إنها محاولة غبية خطط لها ونفذها شخص مخبول.

ولم يسبق أن تعرضت حياة الرئيس الفرنسي إلى أي خطر جدي، بل حتى لو تمكن المنفذ لمحاولة الاغتيال من إصابة الهدف فإن احتمال مقتل شيراك من تلك المسافة البعيدة شبه مستحيل.

مع ذلك، اعتبرت الحادثة تحذيراً حقيقياً. إذ جاءت بعد انقضاء أسابيع قليلة على مقتل السياسي الهولندي ذي الشعبية فيم فروتاين، وبعد مضي أربعة أشهر على مقتل ثمانية أعضاء في مجلس بلدي يقع بالقرب من باريس. وعند إضافة كشف المخطط الذي وضعه إرهابيون إيطاليون لاغتيال عدد من السياسيين الكبار يظهر لنا وجود نمط متكرر للاغتيالات، بدون أن نأخذ في الاعتبار مقتل العديد من السياسيين على أيدي الإرهابيين الباسكيين في إسبانيا خلال السنة الأخيرة أو أكثر قليلا.

ولم يكن شيراك الرئيس الفرنسي الأول الذي تعرض لمحاولة الاغتيال، إذ سبق لإرهابي مسلح أن اغتال سادي كارنو، وتعرض الرئيس شارل ديغول إلى محاولتي اغتيال من الإرهابيين المعارضين لاستقلال الجزائر.

إنه لأمر يبعث على الاهتمام أن تكون كل محاولات الاغتيال الأخيرة في أوروبا قد قام بها أفراد ينتمون إلى أحزاب اليمين المتطرف. والخطر يكمن في أن تحول السياسة الأوروبية نحو اليمين قد يخلق وهماً لدى بعض عناصر اليمين المتطرف من أن وقتهم قد جاء.

فالشاب الذي حاول قتل شيراك، على سبيل المثال، ينتمي إلى النازيين الجدد، ورشح نفسه كي يُنتخب عضوا في أحد المجالس المحلية بباريس، وانتهى به المطاف إلى الحصول على ثلاثة في المائة من أصوات الناخبين، قبل سنة واحدة. لكن تمكن جان لوبن عراب اليمين الفاشي في فرنسا من الحصول على خُمس أصوات الناخبين، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قد يشجع البعض على أن يعطوا التاريخ دفعة صغيرة عن طريق الاغتيال، مثلما يحلم المتطرفون دائما بذلك.

لكن شيراك ينجح دائما في البقاء على قيد الحياة. ففي جولة الانتخابات الرئاسية الثانية، التي جرت في الشهر الماضي، تمكن من إلحاق هزيمة ساحقة بجان لوبن عندما حصل على 83 في المائة من أصوات الناخبين. وفي حوزته الآن خمسة أعوام يستطيع خلالها أن يهمّش خلالها اليمين المتطرف ويعيد رقاص السياسة الفرنسية إلى الوسط المعتدل.