محاولة اغتيال شيراك: عرب أبطال وعرب أشرار

TT

جزائريان أضاءا سماء فرنسا وبيضا صفحة العرب في كل مكان بعد ان شوهها كثيرون سامحهم الله، حيث صار لنا بسببهم اطول باع في خطف الطائرات، وتدمير اعلى مباني العالم، واكثر تخويفا للسياح. الاول هو نجم منتخب فرنسا وبطلها في الأولمبياد السابق زين الدين زيدان، والثاني محمد شيلالي الذي انقذ رئيس الجمهورية الفرنسية من محاولة اغتيال هم بها نازي عندما كان الفرنسيون محتشدين للاحتفال. ولكم ان تتخيلوا كيف سيكون العالم عليه لو اغتيل جاك شيراك ذلك اليوم، وكيف سيواجه الفرنسيون الوضع الذي ستفرضه تلك الجريمة التي تتعمد عزل عربها واستهداف المعتدلين من السياسيين.

لكن لأن الناس، مثل الصحف، تشدها الفواجع اكثر من الافراح فإن البطل شيلالي ظل اسما صغيرا في صفحة الاسماء العربية المزدحمة اكثر باصحاب السوابق السيئة المنتشرة آثارهم في انحاء العالم، تطوفه من الصين الى البرازيل. قلة تتذكر انتصار فرنسا عالميا بقدم زيدان او سلامة شيراك بنجدة شيلالي وسط ركام تفجيرات نيويورك وواشنطن ونيروبي وتنزانيا وكينيا وعدن وبقية الخريطة الكبيرة من الاخبار السيئة. وشيلالي نموذج مختلف عند كثيرين يعتقدون ان كل حامل بندقية مارق ليس الا عربيا.

احباط محاولة اغتيال الزعيم الفرنسي ستبرهن مرة أخرى للفرنسيين انهم اصابوا في التصويت له رئيسا خمس سنوات مقبلة بصلاحيات لا مثيل لها من قبل بعد فوزه الرئاسي والنيابي الساحق. فالفوز كان رمزا لرفض المتطرفين العنصريين والنازيين الذين كانوا يريدون تصفية الرموز المعتدلة من خلال صناديق الاقتراع وعندما فشلوا حاولوا تصفيته جسديا.

ومحاولة اغتيال شيراك ليست سوى تعبير عن هذه التوجهات التي هزمت هزيمة ماحقة على يد الاغلبية الفرنسية الساحقة التي اتحدت بفئاتها السياسية المختلفة للتصويت ضد اليمين المتطرف. وهو ما كان خير دليل على انه مهما ظهر على السطح من تململ اجتماعي او سياسي بسبب النعرات المبثوثة، ومهما ضخمت عيوب الافراد لتجريم الجماعات، فإن الاغلبية عند الامتحان ستختار الاعتدال وستكون اكثر انصافا مما يتصوره كثيرون. وهذا ما برهن عليه الشعب الفرنسي يوم دقت ساعة الامتحان الانتخابي.

والعرب مثل الفرنسيين، ومثل الشعوب الأخرى التي تؤخذ بجرائر الافراد في حين انها تريد الفرصة لتثبت انها اكثر اعتدالا بفطرتها. واعتقد اننا لو نظرنا الى سلوك الفلسطينيين كنموذج حتى مع اعدائهم الاسرائيليين خارج اطار محاربة الاحتلال، الذي هو حق شرعي، فإنهم كانوا اكثر عطفا ورحمة منسجمين مع الاخلاق الانسانية، رأيناهم يتبرعون بأعضاء ابنائهم لمرضى يهود، ويعالجون اسرائيليين في النزع الاخير، ويتعاملون معهم في نواحي الحياة. انما رفض الاحتلال هو ما تفعله كل الشعوب التي ترنو لادارة نفسها واستقلال بلدها.

اما العنف العربي، خارج الساحة الفلسطينية، فانه لا يبرر ومرفوض مهما حاولت تلك التنظيمات تلوينه بصبغات وطنية او دينية، ساعية لكسب التعاطف والتأييد الشعبي.