بين عراق التسعينات.. وعراق اليوم

TT

الوثيقة التي صوت عليها المجلس الوطني في العراق بالإجماع وقدمها عدي صدام حسين هي نموذج لانعدام الوزن وغياب روح المسؤولية، واستمرار التفكير بعقلية التسعينات التي أوصلت العراق إلى ما هو عليه.

عدي في وثيقته يتحدث عن مقدمات صحيحة ولكنه ينتهي إلى نتائج خاطئة، فهو يتوقع قيام انتفاضة شعبية في حالة الهجوم على العراق تشبه «صفحة الغدر والخيانة» وهو التعبير الرسمي العراقي عن انتفاضة جنوب العراق وشماله في مارس (آذار) 1991، وهو يؤكد أنه حين تشن الولايات المتحدة الأميركية هجوما على العراق فإن عددا من الدول العربية التي سماها بالمنافقة ستستجيب للرغبات الأميركية وستفتح أجواءها وأراضيها للجيوش المهاجمة، وهو يؤكد أن دولا مثل الأردن والكويت والسعودية وبعض دول الخليج ستساهم في العمل العسكري، وأنه لا بد من تقديم منافع اقتصادية عاجلة لتغيير مواقف دول محددة وهي سورية وروسيا وفرنسا.

إذا كان عدي صدام حسين، والمجلس الوطني العراقي بإجماع أعضائه يعتقدون أنه إذا قام هجوم أميركي فسينتفض الشعب العراقي ضد النظام وأن جيران العراق سيشاركون في الهجوم، أو على الأقل سيسهلون مهمته، فعلى ماذا يعتمد عدي في حديثه عن احتمال هزيمة أميركا، وترداده مقولات الانتصار العراقي المحتمل؟

العراق اليوم ليس عراق التسعينات. فلقد كان لديه جيش في ذلك الوقت يمتلك الحد الأدنى من الضبط والربط، وكان الجيش مسيطرا على الأراضي العراقية كلها بينما تخلو محافظات كاملة اليوم من وجود الجيش، وانتفاضة مارس 1991 قمعها الأميركان وليس الجيش العراقي واستخدمت هليكوبترات أميركية لضربها بحجة الخوف من قيام نظام موال لإيران، في حين أن أميركا ستشجع وستساعد أية انتفاضة. والأهم من كل ذلك أن هدف أميركا في حرب التسعينات كان تحرير الكويت من الجيش العراقي، وحتى عندما انهار الجيش العراقي وكان الطريق سالكا إلى بغداد صدرت الأوامر بالتوقف وانتهاء المهمة، بينما تعلن أميركا اليوم أن هدفها المعلن هو إسقاط النظام والفرق كبير وحاسم.

أكبر عدو لنفسه هو النظام العراقي، فكل تحركاته وعناده يدفع إلى تشكيل جهة دولية وإقليمية كبيرة في مواجهته، وستثبت الأيام أن الانتصارات لا يخلقها العناد ولا المدفعية اللفظية الثقيلة وهذا ما لم ولن يستوعبه النظام العراقي.