ما يفوت على الخاطبات

TT

المعتاد عن الخاطبات ودلالات الزواج ان يستفسرن عن شتى سمات البنت عند التفكير في خطبتها. كم عندها؟ كم عند ابيها؟ ما هو نسبها وحسبها؟ ما هي مهنتها ودراستها؟ شكلها، لونها. رائحة ابطها، طول منخارها... إلخ. يسألون عن كل شيء إلا الشيء المهم في الانسان. هل هي يسراوية أم يمناوية؟

هذا ما لم يخطر في بالهم الاستفسار عنه. وهو موضوع اصبح مهماً جداً في هذا العصر. فمعظم المعدات البيتية مصممة لليد اليمنى، يعني ذلك أن على الزوج إما ان يستورد معدات يسراوية من الخارج خصيصاً لها، أو ان يلبس الصدرية ويقوم لها بمعظم المهمات المطبخية. شكا لي رجل من زوجته اليسراوية انها كثيراً ما اوقفته في منتصف الليل وحرمته من النوم، أو خابرته ونادت عليه بالتلفون ليعود إلى البيت ويفتح لها علبة فاصوليا لأن مفتاح العلب مصمم لليد اليمنى. وهكذا يكون على الزوج اليمناوي المتزوج بزوجة يسراوية ان يجهز بيته بضعف المعدات التي يحتاجها الآخرون.

ولهذا فعندما كنت ابحث لنفسي عن زوجة صالحة في صفحة التعارف والزواج، بعد أن يئست من العثور على مثلها في الحياة، قرأت اعلانا يقول: «شاب يسراوي، مثقف ومؤمن باللّه يبحث عن فتاة يسراوية مهذبة. الغرض التعارف والزواج». هذا اعلان في منتهى الحكمة والذكاء. اليسراوية لليسراوي واليمناوية لليمناوي.

كان اعلاناً ذكياً لأن العلماء يعتقدون ان اليسراويين اكثر ذكاء وحيلة ولوذعية من اليمناويين. ولهذا اعتقد السلف ان اليسراويين بشر ركبهم الشيطان فتشيطنوا. ومن يريد امرأة ركبها الشيطان؟ فضلاً عن ذلك اننا لا نستهوي المرأة الحاذقة الذكية، ونفضل عليها المرأة الساذجة التي لا تعرف يمينها من يسارها.

انها مشكلة صعبة. اتصل بي صديق قبل سنوات يشكو همومه من زوجته ويفكر في طلاقها. قال انها لا تحبه واكتشف ذلك من النوم. ففي النوم يكشف البشر عن حقيقتهم. وكانت طوال الليل تدير ظهرها له وبدلاً من ان تنظر في وجهه، تنظر في الحائط. حاول تغيير لون الحائط ولكنها ظلت تفضله على لون زوجها. كثيراً ما عمد إليها وادارها نحوه بكل أناة، ولكن لا تلبث بعد دقائق ان تقلب نفسها وتدير ظهرها له.

قلت له يا اخي، ربما تخرج من فمك روائح كريهة تزعجها. قال لا. سألتها عن ذلك. قلت له ربما هي انفاسها كريهة ولا تريد ان تزعجك بها. نفى ذلك. نصحته اخيراً بأن ينقل السرير إلى جانب آخر من الغرفة بحيث يستبدلان جانب نومهما من السرير. ففعل وجاء مستبشرا. انها الآن لا تنام الا ووجهها نحوي وظهرها نحو الحائط. اتضح انها امرأة يسراوية النوم ولا تطيق النوم على يمينها.

ولهذا التفضيل تفاسير كثيرة. النوم على الجانب الأيمن يلقي بثقل المعدة والامعاء على الكبد في حين ان النوم على الجانب الأيسر يلقي بذلك على الطحال ومن الواضح ان تلك المرأة كانت تعتز بالكبد اكثر مما تعتز بالطحال. وهذه مسألة ذوق فعلى كل الخاطبات والراغبين بالزواج ان يتحققوا اولاً أيا من العضوين يفضلون، وما اذا كانت يسراوية النوم أو يمناوية، قبل ان يتحققوا عن حسبها ونسبها وثروتها ونفوذ أبيها وأسرتها في الدولة.