أجاويد وجم ومستقبل تركيا

TT

رغم ان بولند اجاويد رئيس الحكومة التركية اعلن في نهاية الاسبوع الماضي، انه سوف يستقيل اذا ما فقدت حكومته الأغلبية البرلمانية، إلا ان هذا مستبعد، رغم فقدانها تلك الأغلبية، ذلك ان الاحزاب المعارضة في حاجة الى 276 صوتا من اصل 550 عدد مقاعد مجلس النواب لطرح الثقة في الحكومة، وما لم يقدم اجاويد استقالته فان حكومة التحالف لن تطاح من السلطة بنزع الثقة.

لاحقا، سيحكم التاريخ ما اذا كان اجاويد مهندس احتلال قبرص التركية يستحق هذه النهاية السياسية. هو يرفض الاعتراف بأنه انتهى سياسيا، لكنه ما زال يصر على عدم قبول طلب المتمردين في حزبه «مجموعة التسعة» للدعوة الى اجتماع استثنائي لحزب اليسار الديمقراطي، خوفا من ان تتم الاطاحة به كزعيم للحزب، وقد اعلن انه سيخوض الانتخابات المقبلة.

الضربة التي اطاحت فعلا بمستقبل حكومة اجاويد، وتهدد مستقبله السياسي تلقاها من وزير خارجيته السابق اسماعيل جم، الذي اعلن يوم الجمعة الماضي عن تشكيله لحزب اشتراكي ديمقراطي جديد في تحد مباشر لرئيس الحكومة.

وكان جم استقال ووقف الى جانب النائب السابق لرئيس الوزراء حسام الدين اوزكان الذي ترك الحكومة احتجاجا على رفض اجاويد التنازل له عن الحكم بسبب مرضه. ويشكل جم واوزكان وكمال درويش وزير الاقتصاد الحالي قلب الحزب الجديد، واذا نجح هؤلاء الثلاثة فانهم من غير شك سيغيرون في النظام السياسي التركي. وكان درويش قدم استقالته من الحكومة ثم تراجع عنها، لمعرفته بأن تركه الحكومة يمكن ان يؤثر سلبا على الاقتصاد التركي، إلا انه يتصرف كعضو ظل في حزب جم الجديد.

يعتبر اسماعيل جم وكمال درويش من السياسيين الاكثر شعبية في تركيا، اما اوزكان فرغم انه غير معروف شعبيا إلا انه الأقوى وراء الأبواب المغلقة وفي دهاليز السياسة التركية، ويمكن ان يكون المنظم الأساسي للحزب داخليا، فهو سيركز على المناطق التركية الابعد من اسطنبول وانقرة، والثلاثة من المؤيدين لأوروبا، وكما قال جم، فان الحزب الجديد سيتصرف انطلاقا من مبادئ دولية، تؤكد على احترام حقوق الانسان، والديمقراطية والمساواة والعلمانية والعدالة.

الحزب الجديد بشخصياته وافكاره ومبادئه لديه كل مقومات القيادة، انما قد يواجه مشكلة في ايجاد الاحزاب الحليفة. فاذا تحالف معه، حزب الوطن الأم وحزب الطريق الصحيح، عندها لن تحصل الاحزاب الاسلامية على اعلى نسبة من الناخبين، لأنه لو حصل ذلك فستضطر المؤسسة العسكرية الى التدخل اذا ما شعرت ان الوضع العلماني للدولة التركية في خطر.

هناك احزاب سياسية كثيرة في تركيا، لكن حسب نظامها البرلماني، فان الحزب الذي ينال اكثر من 10 بالمائة من الأصوات، يحتل مقاعد في البرلمان، ولهذا هناك فقط 5 احزاب حاليا في البرلمان التركي.

لقد اكد جم ان هدفه ليس اسقاط حكومة اجاويد، بل ترتيب حزبه الجديد استعدادا للانتخابات المقبلة.

انها مغامرة ويجب ان يخوضها من اجل تركيا.