.. بلا ذاكرة!!

TT

نُسب الى موشيه دايان، الذي نعرفه حق المعرفة، انه قال ذات يوم: «ان مشكلة العرب انهم لا يقرأون وانهم اذا قرأوا فانهم لا يفهمون»، وبعد مقتل صلاح شحادة قائد حركة «حماس» العسكري يمكن القول: «ان مشكلة الاسرائيليين انهم لا يتذكرون وانهم اذا تذكروا فانهم لا يلتقطون المغزى والحقيقة».

قتل الاسرائيليون ابو جهاد في عام 1988 في تونس على امل ان يؤدي قتله الى قتل الانتفاضة الاولى، التي كانت في ذروة اشتعالها في ذلك الحين، لكن املهم خاب واستمرت تلك الانتفاضة الى ان جاءت بعرفات وفدائييه وهيئاته وتنظيماته ومنظماته الى فلسطين.. الى الضفة الغربية وقطاع غزة.. وبقيت المسيرة مستمرة ومتواصلة.

وقبل ذلك بنحو عشرة اعوام اغتالت المخابرات الاسرائيلية في بيروت ابو حسن سلامة على امل قطع خطوط الاتصال التي كان قد بدأها وأنشأها بين الفلسطينيين والـ«سي. آي. ايه» الاميركية لكن املهم خاب وانتقلت الاتصالات من السرية الى العلنية ووصلت الى حد ان عرفات زار البيت الابيض 13 مرة وان المخابرات الاميركية هي التي تقوم بتدريب المخابرات الفلسطينية.. وبقيت المسيرة مستمرة ومتواصلة.

وفي عام 1981 اغتال «الموساد» الاسرائيلي ماجد ابو شرار في روما على امل ضرب حلقة الوصل بين تنظيم «فتح» في الداخل وقيادته في الخارج لكن املهم خاب مرة اخرى وبقيت المسيرة مستمرة ومتواصلة وغدت قيادة «فتح» الى جانب تنظيمها وعلى رأسه في رام الله ونابلس وجنين والخليل وغزة.

وكان الاسرائيليون قد اغتالوا كمال ناصر وكمال عدوان وابو يوسف النجار وسعد صايل ووائل زعيتر ومحمود الهمشري وغسان كنفاني.. والعشرات من كل فصائل الثورة الفلسطينية وفي كل مرة كان املهم يخيب من جديد ويثبت الفلسطينيون انهم كالتفجير المتسلسل اذْ ما ان تنفجر قنبلة حتى تتوالى الانفجارات.. وما ان يُغيِّبُ الاغتيال قائداً حتى يبرز عشرات القادة.

قبل صلاح شحادة اغتال الاسرائيليون يحيى عياش ثم قافلة طويلة من القادة العسكريين على امل ان تنتهي «حماس»، كما اغتالوا ابو علي مصطفى على امل ان يتوقف تحول الجبهة الشعبية مجدداً نحو العمل العسكري.. لكن املهم خاب وبقيت المسيرة مستمرة ومتواصلة.. وستبقى مستمرة ومتواصلة ما لم تسلم اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في ان يقرر مصيره بنفسه ويقيم دولته المنشودة فوق تراب وطنه وعاصمتها القدس الشريف.

لقد طالت اقامة الاسرائيليين في المنطقة ومع ذلك فانهم يثبتون، المرة تلو المرة، انهم عاجزون عن فهم طبيعة اهل هذه المنطقة وانهم لم يدركوا رغم هذه الاقامة الطويلة ان الاستشهاد بالنسبة لوضع كالوضع الفلسطيني مطلب وهدف وان المعادلة التي تحكم هذه المعادلة هي: «قتيلنا الى الجنة وقتيلهم الى النار».