مغزى العودة اليوغوسلافية

TT

وسط تصفيقات حارة على توصية اصدرها مجلس الامن، عادت يوغوسلافيا الى منتدى الامم المتحدة بعد غياب دام ثماني سنوات.

وكانت السلطات اليوغوسلافية السابقة، بزعامة سلوبودان ميلوشيفيتش، ترفض تقديم طلب لاستعادة مقعدها في المنظمة الدولية بداعي انه من حقها ولا حاجة لها، بالتالي، التقدم باي طلب، فكانت نتيجة هذا الموقف استبعاد جمهوريتي صربيا والجبل الاسود عن الامم المتحدة وحصول الجمهوريات المنفصلة عن الكيان اليوغوسلافي السابق ـ اي البوسنة وكرواتيا ومقدونيا وسلوفينيا ـ على مقاعد خاصة بها كدول مستقلة.

عودة يوغوسلافيا، بكيانها السياسي الجديد، الى حظيرة الامم المتحدة تتجاوز عملية استعادة مكانها الشرعي في محفل الامم المتحدة الى الاقرار النهائي بأن التحولات السياسية ـ الجغرافية التي شهدها البلقان خلال العقد المنصرم افرزت واقعا جديدا لا رجوع عنه.

وفي هذا السياق يعتبر هذا القرارالمتخذ من الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في بلغراد ادانة غير معلنة لسياسة «التنظيف العرقي» التي مارستها حكومة ميلوشيفيتش واعترافا واقعيا باستقلال الجمهوريات الاربع السابقة في الاتحاد اليوغوسلافي.

من هذا المنظور يصح ادراج الابعاد السياسية والجغرافية لعودة يوغوسلافيا الى الامم المتحدة في خانة اعادة نظر عملية في اتفاق يالطا الذي كان، بدوره، حصيلة الانتصار العسكري لتحالف الاضداد (الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي) على المانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، وبالتالي حصيلة موازين القوى العالمية عام 1945.

واذا كان زوال الاتحاد السوفياتي وما استتبعه من افول النفوذ السلافي في اوروبا الشرقية سهلا اعادة رسم خريطة البلقان بشكل اكثر تطابقا مع الانتشار القومي والديني في المنطقة، فان عبرة تفكك الاتحاد اليوغوسلافي السابق قد تكون في ان عصر مصادرة حقوق الاقليات الاثنية ـ ولو باسم ايديولوجية شاملة ـ وطمس الهوية القومية للشعوب المستضعفة شارف على نهايته.