استراتيجية شارون الانقسامية

TT

بغضّ النظر عن طبيعة الخطة التي تُسمى بـ«غزة أولاً»، هناك شيء مؤكد واحد حولها، وهذا يتمثل بعزم القيادة الإسرائيلية على شق الفلسطينيين، بعد فشلها في تأجيج حرب أهلية بينهم أو حرف طاقاتهم صوب الصراع السياسي الداخلي.

لهذا السبب، يشكل الحوار الداخلي الفلسطيني الذي بدأ يظهر للسطح الآن أهمية حاسمة. فالمأزق الفلسطيني الحالي ناجم الى حد ما عن غياب الحوار والشفافية، فمفاوضات أوسلو جرت في جلسات مغلقة حيث أقصيت عنها غالبية الفلسطينيين الذين تأثرت حياتهم بشكل كامل بنتائجها. فلم يكن هناك أي شخص خارج دائرة صنّاع القرار الصغيرة على علم بما اتُّفق عليه وما تم رفضه داخل هذه المفاوضات.

واليوم، أدرك الجميع بمن فيهم ياسر عرفات أن سياسة إقصاء القاعدة الواسعة من الجماهير الفلسطينية من المشاركة في اتخاذ القرار قد شاركت في إضعاف موقعه كزعيم لها.

لذلك يصبح ضروريا من الآن فصاعدا أن يكون الشعب الفلسطيني حاضرا كحقيقة واقعة وأن تتم استشارته وأن تكون له الكلمة الأخيرة في أي اتفاقات لاحقة.

من هذا المنطلق يجب أن يشدد الحوار الفلسطيني على ترسيخ المبادئ والآليات الديمقراطية المطلوبة لإشراك الشعب في صنع القرار. وهذا يتطلب ألا تكون السلطة الفلسطينية مستعدة للاستماع فقط الى البرلمان الفلسطيني واستشارته بل الى كل المنظمات الشرعية الممثلة للشعب، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو ثقافية. بالمقابل سيكون بإمكان السلطة الفلسطينية أن تطلب من هذه المنظمات احترامها والكف عن القيام بأعمال تضر باستراتيجية النضال بشكل عام. وما يحتاج إليه الفلسطينيون اليوم أكثر من أي وقت سابق هو الوحدة إذا لم يكن تحقيق الإجماع ممكنا. وأفضل اختبار للحوار سيظهر في الانتخابات المقبلة التي أعلن عنها ياسر عرفات، إنه لأمر مهم جدا الا تكون هناك مقاطعة لها من أي طرف سياسي فلسطيني، مع غياب أي مسعى للتلاعب بالنتائج.

فخلال السنتين الماضيتين قام آرييل شارون، بدعم جزء من الإعلام الدولي، برسم صورة لعرفات يظهر فيها كديكتاتور معزول لا يكف عن قمع شعبه والتحريض في وقت واحد على عمليات إرهابية ضد الإسرائيليين.

بالتأكيد، لن يكون كافيا للفلسطينيين أن يتكلموا بصوت واحد كي يحققوا النصر، لكن المهم ما سيقولونه عبر هذا الصوت الواحد.

ولا بدّ أن الفلسطينيين سيكونون في وضع أقوى للدفاع عن قضيتهم إن هم اتحدوا وراء استراتيجية حازمة وواقعية في آن واحد، وهدفها هو تحقيق الدولة الفلسطينية خلال إطار زمني معقول. فليس هناك أي وقت يمكن تضييعه على الشقاق الحزبي او الاستراتيجيات الفردية أو المواقف الديماغوجية.