ثلاثة دروس للأطفال

TT

نشرت «نيويورك تايمز» قبل فترة موضوعا حول المشاكل التي تواجه المدرسين في تحديد ما الذي يجب قوله للتلاميذ عن 11 سبتمبر. وهذا سؤال جيد. فهذه لحظة الوضوح الاخلاقي، وهناك ثلاثة دروس سأدرسها لو اتيحت لي الفرصة:

الدرس الاول:

من هم؟ سيركز هذا الدرس على انه في الوقت الذي يعتبر فيه معظم الناس في العالم جيدين ولطفاء، فهناك اناس اشرار ليسوا فقراء ولم يُسأ اليهم، ولكنهم حاسدون. هؤلاء المتطرفون نشأوا في مجتمعات فشلت في اعدادهم للحداثة، واختار اكثر الناس شرا بينهم 11 سبتمبر لضرب رمز الحداثة - الولايات المتحدة. وكما قال الكاتب المسرحي المصري علي سالم في مجلة تايم «وراء الادعاءات. . . فإن المتطرفين حاسدون بطريقة مرضية. فهم يشعرون بأنهم مثل الاقزام، وهذا هو السبب وراء بحثهم عن الابراج وكل ما هو شامخ». ومشكلتهم مشكلة نفسية، وليست سياسية، وهدفهم هو تدمير اميركا، وليس اصلاحها، ويمكن فقط هزيمتهم، وليس التفاوض معهم.

موضوعات للاطلاع: مقال لاري ميلر في 14 يناير 2002 في «ويكلي ستاندرد»: استمع بهدوء: نحن جيدون وهم اشرار، لا يوجد ما هو نسبي. قلها معا الان وتحرر. تشهد اناسا يقولون: كوننا جيدين لا يعني اننا اكفاء. تمام؟ الحقيقة الواضحة هي ان بلادنا كانت، بكل اخطائنا وارتباكاتنا، دائما وستظل دائما اعظم منارة للحرية، والخير، والفرص، والتعاطف في التاريخ. اذا احتجت الى دليل، افتح كل الحدود في الارض وشاهد ما حدث. ففي اقل من نصف يوم سيصبح العالم مدينة اشباح. وفيما يلي الحل: الا ننسى اخوتنا واخواتنا. الا نسمح لانصار النسبية بتمرير تفكيرهم غير الاخلاقي. فبعد كل شيء، وبغض النظر عما ذكره بروفسور العلوم السياسية لابنتك فنحن لم نبدأ ذلك».

الدرس الثاني

من نحن؟ لسنا افضل من اي شخص آخر، ولكن نظام الديمقراطية الغربية الذي نعيشه هو افضل نظام على الارض. ولسوء الحظ، فلا توجد في العالم العربي الاسلامي ديمقراطية. الفارق الوحيد هو ان قيم وتقاليد الحرية التي تتبناها الحضارة الغربية، وغيابها في العالم العربي الاسلامي، هي التي توضح الفروق الاساسية بيننا.

موضوعات للاطلاع: «خريف الحرب» للمؤرخ العسكري فيكتور دافيس هانسون: «يجب على اصحاب النظرات الثاقبة ان تكون لديهم نظرة اكثر وضوحا بخصوص طبيعة الصراع. وخلال جهودهم المفهومة لتوضيح ما لا نفعله ـ وهو محاربة الاسلام او استفزاز الشعوب العربية ـ فشلوا تماما في توضيح ما نفعله: الحفاظ على الحضارة الغربية وتقاليدها المميزة المتسامحة والانسانية للحرية، ومبدأ حكومة التراضي، والتحقيقات المحايدة والتسامح الديني والسياسي. . . . ويجب الامتناع عن اللهجة الاعتذارية التي تبلورت في التعامل مع العالم العربي، وان نوضح لوزرائهم الذين يتغطرسون علينا انه ليست لديهم شرعية بدون انتخابات، وان متحدثيهم ليسوا صحافيين بدون صحافة حرة، وان مثقفيهم ليسوا صادقين بدون حرية. ان حق تذكير اميركا في ما يتعلق بالاخلاقيات، ليس حقا واجبا، بل هو مكتسب فقط عن طريق التزام مشترك بالحكم الدستوري».

الدرس الثالث:

لماذا يدين العديد من الاجانب الذين نفذوا عملية 11 سبتمبر ولكنهم يكرهون اميركا؟ السبب هو، اننا في الوقت الذي لدينا افضل نظم الحكم، فلسنا في افضل اوضاعنا في كيفية التعامل مع العالم. فلاننا نريد قيادة سيارات كبيرة فنؤيد نظما عربية لكي تبيع لنا نفطا رخيصا. ولان رؤساءنا يريدون الحصول على اصوات يبلغون الفلسطينيين فورا كم يتصرفون بغباء، ولكنهم يترددون في ابلاغ الاسرائيليين بأن سياسة بناء المستوطنات في الضفة الغربية مدمرة بالنسبة لمستقبل الدولة اليهوديةـ ولاننا نريد استهلاك اكبر قدر من الطاقة كما يتراءى لنا، فنقول للعالم ان عليهم ان يقفوا معنا في الحرب ضد الارهاب ولكن ليس علينا الوقوف معهم في الصراع ضد ظاهرة الاحتباس الحراري.

النقطة الفصل هي انه في الوقت الذي يكرهنا الاشرار بسبب ما نحن عليه، فإن العديد من الاشخاص الجيدين يكرهوننا لما نفعله. واذا اردنا اكتساب احترامهم فعلينا ان نكون الافضل، والاكثر اتساقا، والاكثر مبدئية في العالم.

موضوعات للاطلاع: الدستور الاميركي، خطاب وودرو ويلسون المعروف باسم خطاب الـ 14 نقطة واعلان الاستقلال.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الاوسط»