أفغانستان بعد عام

TT

نسبة لأن اهتمام العالم مركز بصورة كاملة على ذكرى هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، فان مناسبة اخرى كانت هي السبب وراء هذه الدراما لم تحظ الا باهتمام ضئيل. ففي 9 سبتمبر 2001 قام ارهابيان من اصل مغربي، ادعيا انهما مراسلان لقناة تلفزيونية، باغتيال قائد المقاومة الافغاني احمد شاه مسعود، بقرية خاجي بهاء الدين، في وادي بانشير. ولم يكن باستطاعة احد ان يعرف ان اغتيال مسعود كان جزءا من مخطط اكبر يشمل الهجوم على نيويورك وواشنطن.

الذين خططوا للهجمات ضد الولايات المتحدة افترضوا انها ستنتقم باطلاق بضعة صواريخ على الجبال الافغانية، ثم تزود المعارضة الافغانية بقيادة مسعود، بالمال والسلاح. ولم يتوقع هؤلاء ان تشن الولايات المتحدة حربا ضروسا تؤدي الى تغيير النظام في كابل. وكانوا يعتقدون انهم اذا ازاحوا مسعود من مسرح الاحداث فان الفصائل الافغانية المتحاربة لن تجد في الساحة من يوحدها للعمل ضد طالبان.

ولكن التاريخ له طريقته الخاصة في تحديد مساره، بدلا من الاذعان لارادة اولئك الذين لا يفقهون الطبيعة المتقلبة للاحداث. فاغتيال مسعود لم يحل ما سماه الملا محمد عمر، القائد الطالباني «مشكلته الاخيرة». وقد تحول حلم الاستيلاء على كل الاراضي الافغانية وتحويلها الى نقطة انطلاق لتصدير اكثر نسخ التعصب الديني رجعية، الى آسيا الوسطى وباكستان.. تحول الى كابوس مرعب بالنسبة للملا الهارب ومستشاريه من «العرب الافغان».

ان مسعود ما يزال يخدم امته، حتى بموته، باعتباره رمزا لعقدين من المقاومة البطولية للاحتلال الاجنبي والقهر الداخلي. وتحيي الامة الافغانية، وعلى رأسها رئيس الحكومة المؤقتة حميد كرزاي، ذكرى مسعود كجندي حقيقي من جنود افغانستان ومن جنود الاسلام.

ان خير ما يفعله القادة الافغان في هذه المناسبة هو التأمل العميق في القضايا المعقدة التي ما تزال تواجه افغانستان في سعيها لاعادة ترميم وبناء ما دمرته الحروب والنزاعات في كل اوجه حياتها. وتشير محاولة الاغتيال التي تعرض لها كرزاي الاسبوع الماضي الى ان افغانستان لم تستطع بعد ان تتخلص من كل قواها الظلامية.

وبعد عام من وفاة مسعود، فان افغانستان تتمتع بسلام نسبي لم تعرفه منذ .1973 ولكن سحبا داكنة تلبد الآن أجواءها الصيفية الصافية.