هل يوافق الرئيس بوش على مشروع قانون إنشاء وزارة الأمن الداخلي الجديد؟

TT

مع اقتراب ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي تعرضت لها اميركا، لا بد ان يقترن حزننا بالقلق من ان حكومتنا لم ترتب اولوياتها بعد من اجل حمايتنا من الارهابيين في بلادنا. وذلك هو ما يجعل واحدة من افضل الطرق الايجابية لتكريم ذكرى من فقدناهم في ذلك اليوم، تتمثل في ان نضع انفسنا مجددا على اهبة الاستعداد للتخلص من نقاط ضعفنا الامنية الداخلية، في اقرب وقت ممكن.

تكمن المشكلة الكبرى على المستوى الفيدرالي في ان هناك عشرات الاجهزة تتحمل مسؤولية الدفاع الداخلي. فالجميع على علاقة بالموضوع، لكن لا احد منهم هو المسؤول. وحتى نتمكن من تأسيس هيئة يمكن الاعتماد عليها تتحمل مسؤولية الامن الداخلي، وتتوفر لها اطر قيادية وبشرية موحدة، وتتوفر لها السلطة والموارد اللازمة للقيام بالمهام المطلوبة، فاننا سنظل عرضة للخطر باشكال عديدة بديهية.

واليوم سيبدأ مجلس الشيوخ التفكير في تشريع متعدد الجوانب يكفل انشاء الوزارة الجديدة التي ننتظرها. وعلينا ان نتحرك معا بشكل سلس من اجل ايصال مشروع القانون لمكتب الرئيس. ذلك انه سيساهم في تحسين الاوضاع على الصعد التالية:

* امن الحدود: حيث لدينا 361 ميناء بحريا تجاريا و429 مطارا جويا، وحدودا برية يبلغ طولها 7500 ميل، اضافة الى الاف الاميال من السواحل البحرية. وبالنظر الى تشابك العديد من منافذ العبور تلك وإلى مدى عدم التنسيق بين اجهزتنا الامنية المعنية بالحدود، فان الاشخاص والاشياء الذين قد يعرضون امننا للخطر لن يجدوا صعوبة في دخول الاراضي الاميركية. ودولة تؤمن بالحرية كدولتنا لا يمكن بل ويجب ألا تصبح قلعة محصنة عسكريا. كما لا يمكننا ان نوجه اصابع الاتهام تجاه المهاجرين، الذين ظلوا عنصرا اساسيا في حياتنا. ويجب ان يتحدد هدفنا في رفع كفاءة امننا بدون الحاق الضرر بحرياتنا. والتشريع المطروح على مجلس الشيوخ سيفعل ذلك.

* استخباراتنا: لقد كشفت هجمات الحادي عشر من سبتمر ان هناك خللا في أسلوب عمل اجهزة مخابراتنا وامننا. فقد علمنا الان ان وكالة المخابرات المركزية ومكتب المباحث الفيدرالي ووكالة الامن القومي وغيرها حصلت على ادلة كان يمكن ان تكشف عن تفاصيل المخطط الرهيب ضد اميركا. ولما كانت هذه الاجهزة بعيدة عن بعضها البعض بحكم ماضيها والجدران التي تحيط بها، فانها لم تستفد كثيرا ولم تتبادل معلوماتها، وان حدث ذلك فقد تم بعد فوات الاوان.

لكن وفي اطار الوزارة الجديدة التي نسعى لتأسيسها، سيتم جمع جميع المعلومات التي لها علاقة بالتهديدات الارهابية التي تستهدف اميركا بواسطة اطار استخباري وامني (يضم تحليلات متعلقة بما توفر من معلومات خارجية يقدمها مدير مركز مكافحة الارهاب التابع لوكالة المخابرات المركزية) يتسنى له التدقيق في الاوضاع وتحليلها في مكان واحد، بحيث تكون حكومتنا قادرة على الاطلاع على المؤامرات المحتملة ووضع حد لها قبل تنفيذها.

* التعامل مع الطوارئ: ساهمت هجمات الحادي عشر من سبتمبر ايضا في اطلاعنا على حقيقة اننا معرضون لجملة من الهجمات المحتملة التي ستستهدفنا ـ بما فيها الاسلحة الكيماوية والبيولوجية والاشعاعية والنووية. وهكذا فاننا بحاجة لوزارة امن داخلي يمكنها احداث تطوير هائل في قدرتنا على التعامل مع الطوارئ، ويمكنها وضع اسس تكامل بين المدن والولايات والمقاطعات. ويبدو ان الوزارة التي ستنشأ بموجب التشريع المنتظر ستفعل ذلك. كما انها ستعمل وبشكل افضل على اقامة علاقة عمل مع القطاع الخاص لتوفير الحماية المطلوبة لشبكات الطاقة ومنشآت المواصلات وانظمة توفير الطعام والماء التابعة لها، والتي تعد من بين اكثر الاهداف المحتملة للارهابيين.

* العلم والتكنولوجيا: لقد اثبتت لنا هجمات الحادي عشر من سبتمبر ان الارهابيين سيسعون لاستخدام التقنية الحديثة لالحاق الضرر بأسلوب معيشتنا وبحريتنا. ونحن بحاجة للتصدي لذلك بإنشاء وزارة امن داخلي جديدة تتولى الاستفادة من تفوقنا في مجال العلوم والتكنولوجيا، وتقوم بتطوير طرق جديدة يمكن من خلالها اقتفاء اثر اسوأ اسلحتهم، ثم حماية المناطق الحساسة ومواجهة التهديدات الاخرى التي تواجهها اميركا. وستقوم الوزارة الجديدة التي ستنشأ بموجب التشريع الجديد، ليس فقط بتنظيم موارد الحكومة البحثية والتنموية، بل ايضا بالاستفادة القصوى من المواهب العديدة التي تتوفر لدى جامعاتنا وشركاتنا ومنظماتنا غير الساعية للربح، بطريقة لم يسبق لها مثيل.

ستكون وزارة الامن الداخلي الجديدة اكبر هيئة حكومية فيدرالية منذ عام 1947 لكن ذلك هو ما نحتاج اليه الان. وخلال مشواري العملي في قطاع الخدمة العامة، لم اشهد على الاطلاق مايمكن ان يحدث نتيجة لسوء التنظيم، حتى ان الحاجة للتغيير باتت ملحة.

وهذا التشريع الذي تبنيته امام مجلس الشيوخ تم وضعه عقب مناقشات جادة متعددة الجوانب. فخلال الاشهر الماضية منذ الحادي عشر من سبتمبر عقدت لجنتنا 18 جلسة استماع، وتشاورت مع خبراء وزملاء، كما وضعت بشكل متأن مشروع قانون تأسيس الوزارة الجديدة، والذي تم التصويت عليه بواقع 12 مقابل 5 اصوات، داخل اللجنة.

اساس عمل الوزارة ومهمتها التي نطرحها من خلال مشروع القانون لا تختلف كثيرا مع مايقترحه الرئيس بوش، لكنه مع ذلك وضع عقبات غير ذات اهمية امام اقرار هذا المشروع.

فالرئيس يزعم باننا لم نمنحه ولم نمنح الوزير الجديد «مرونة» في ادارة الوزارة. وهذا ليس دقيقا. فوفقا لمشروعنا، سيتمتع الرئيس ووزير الامن الداخلي، في واقع الامر، بمزيد من المرونة لادارة هذه الوزارة باسلوب دقيق وفعال يحكمه الاداء، مقارنة بما توفره التشريعات الحالية.

ويتضمن المشروع الذي تقدمنا به اصلاحات متعددة الجوانب لقانون الخدمة العامة بحيث يتمتع الوزير بصلاحيات جديدة تتيح له استقطاب العناصر الجيدة والمحافظة عليها ومكافأتها. وبموجب الصلاحيات الحالية والصلاحيات الاضافية التي يقترحها مشروعنا، ستكون الحكومة قادرة على توظيف مواهب جديدة، واجراء تنقلات الموظفين بمرونة، وبفرض الانضباط والتخلص من اولئك الذين لا يقومون بمهامهم كما يجب، وايضا نقل الموظفين من وحدات الحفاظ على الامن العام متى ما تعرض الامن القومي للخطر. وفي هذه الحالة الاخيرة، اقترحنا ببساطة ان تقوم الحكومة بالاعلان عن اسباب اتخاذ مثل هذا الاجراء غير المألوف بحيث يتم ضمان ان لا تؤدي مثل هذه القرارات الى فقدان اولئك المعنيين لحقوقهم التي كفلها القانون.

واذا ما صادق المجلس على القانون، فان دعوة الرئيس بشأن «مرونة» اضافية ستمنح ادارته صلاحية غير مسبوقة تمكنه من اختصار نظام الخدمة العامة، واعادة تفسير القوانين كما يلزم، وانفاق اموال دافعي الضرائب بدون التعرض لمساءلة الكونغرس ومحاسبته.

امل ان يتمكن مجلس الشيوخ من التصدي لهذه الجهود. بحيث نعمل معا على تأسيس هذه الوزارة الجديدة ووضع نقاط الخلاف الثانوية جانبا حتى موعد آخر. فالشعب الاميركي بحاجة ماسة لأن نتمكن من اخضاع آلية الامن الداخلي الفيدرالية الحالية غير المنظمة، للنظام والمحاسبة. ويجب ان نتخلى عن القضايا التي تبعدنا عن المهمة العاجلة.

* عضو مجلس الشيوخ (عن الحزب الديمقراطي) عن ولاية كونيكتيكت

خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»