11 سبتمبر: ما هي أخطاء أميركا؟

TT

ليس خطأ ان الولايات المتحدة تشن هجوما على القاعدة والتنظيمات المعادية لها اليوم، بل الخطأ الفادح انها لم تشن مثل هذه الحرب مبكرا، منذ اول هجوم اصابها، وبالتالي نمت مشاريع الهجوم ضدها وسددت ضدها الضربات واحدة تلو الاخرى وهي تكتفي بتقفي الأثر والبحث عمن يقوم بمحاربة مهاجميها نيابة عنها.

ونخطئ كثيرا عندما نتحدث عن الهجمات التي اصابت نيويورك وواشنطن في سبتمبر الماضي 2001 فنعاملها كحدث واحد منعزل، فهي لم تكن الا استمرارا للحرب من قبل تنظيم القاعدة، التنظيم الذي نذر نفسه لمحاربة الولايات المتحدة في كل مكان. ومع ان احداث سبتمبر كانت ضخمة حتى بالمقاييس الدولية فقد كانت معركة اخرى، سبقتها عمليات كبيرة، بينها عملية التفجير المعقدة التي كادت ان تغرق المدمرة الاميركية كول في ميناء عدن. وهناك التفجيران اللذان استهدفا السفارتين الاميركيتين في يوم واحد في كينيا وتنزانيا، هي الاخرى كانت ضخمة ومعقدة ودامية. وسبقتها عملية تفجير في شارع الثلاثين في الرياض ايضا ضد الاميركيين نفذها افراد محسوبون على القاعدة. ووقعت عمليات اخرى اقل اهمية، او عمليات خطط لها لتكون ضخمة وتم احباطها مثل مؤامرة الالفية في داخل اميركا، في احتفالات دخول القرن الواحد والعشرين، والتي كشفت بالصدفة عند القبض على احد الجزائريين من اعضاء القاعدة عند عبوره بوابة حدودية في شمال غربي الولايات المتحدة قادما من كندا، واعقبتها محاولة تفجير السفارة الاميركية في جنوب افريقيا واخرى لتفجير السفارة الاميركية في باريس وعمليات في باكستان واندونيسيا.

ان هذا الكم الكبير من النشاط العسكري، ما نجح منه وما فشل، ضد الولايات المتحدة على مدى ست سنوات لم تأخذه الحكومة الاميركية بجدية حقيقية الا في وقت متأخر جدا، وكان ردها العسكري الوحيد محدودا جدا اختصر في عمليتين عسكريتين صغيرتين الاولى اصابت فيها موقعا قديما لابن لادن في السودان صار مستشفى، والثانية بضعة صواريخ اطلقتها على موقع للتدريب، ثبت لاحقا انها عملية محدودة. ست سنوات من المواجهة الخطيرة لم تؤخذ بجدية من قبل السلطات الاميركية لأن اجهزتها الاستخباراتية والعسكرية اخفقت في فهم طبيعة التهديدات والعمليات التي اصابتها. عشرات العمليات والمحاولات والاشخاص الذين تم القبض عليهم لم يرشدوا المسؤولين الاميركيين الى فهم الخطر الكبير وبالتالي استباق عملية 11 سبتمبر ومواجهة خصومهم، وهذا الفشل في الفهم والحركة هو الذي ادى الى تصاعد العنف الدامي وادى في النهاية الى 11 سبتمبر ومن ثم عرض العالم لهذه المخاطر والحروب التي كان يمكن حسمها مبكرا عندما كانت النار شررا. القبض المبكر على عدد من المحسوبين على التنظيم، يوسف رمزي، يفترض انه كان كافيا لفهم طبيعة الصراع في تطوره وحدته واضراره المستقبلية. ولهذا ليس غريبا ان يذكر احد قادة القاعدة انهم فوجئوا بردة فعل اميركا العنيفة بعد احداث سبتمبر، فقد افلتوا من اي مواجهة حقيقية كل هذه السنين.

ان عدم الرد الجاد من الجانب الاميركي بعد حادثة الرياض وعدن ثم نيروبي ودار السلام ومحالاوت باريس والالفية وغيرها اعطى انطباعا خاطئا عند الجميع ان الصراع محدود.

لهذا يبدو مثيرا للاستغراب ان يقوم ذوو الضحايا برفع دعاوى ضد اخرين هم في حقيقة الامر ضحايا للارهاب في حين غضوا النظر عن الطرف المسؤول عن هذا الاهمال، اي الجهات الرسمية المعنية بضبط الامن.

وللحديث صلة.