الحمير والناس!

TT

** ايه ميل من باسل من الرياض يقول فيه: بعد ان قرأت ما تناولتموه في مقالك بعنوان (الحمير والناس) عدت بذاكرتي خمسين عاما مضت فتذكرت ما كان يرويه لي والدي عن الحمير وبيعها والذي كان يعتبر تجارة رابحة في مدينة الرياض، حتى ان بعض العائلات اشتهرت بتجارتها في هذا الحيوان الطيب.. وكان مصدرها مدينة الاحساء شرق المملكة.. فكان الناس يسافرون الى الاحساء ويشترون منها الحمير لبيعها في الرياض.. وهكذا دواليك. ومن القصص الطريفة التي سمعتها انه منذ اكثر من خمسين عاما كانت هناك عائلة في الرياض ترسل احد أبنائها بوجبة الغداء الى مجموعة من الناس في بلدة عرقة، ويقول هذا الابن والذي يبلغ من العمر الآن 60 عاما، انه كان يأخذ الطعام يوميا الى بلدة عرقة على ظهر الحمار وكان كل ما عليه ان يمتطى ظهر الحمار وينام نوما عميقا حتى اذا صحا من نومه وجد نفسه في بلدة عرقة.. فلقد اصبح الحمار يعرف الطريق معرفة جيدة لدرجة انه يمكنهم ارساله وحده، فيقوم بايصال الطعام الى تلك البلدة من دون عناء.. اليوم تقطع السيارة هذه المسافة في 15 دقيقة.

*** ايه ميل آخر من محمد يتناول فيه نفس الموضوع ويقول: اليوم وبعد ان قرأ والدي مقالك عن (الحمير و الناس) بكى بحرقة بعد ان اعدته للماضي.. واليك القصة كاملة: اعتاد والدي قبل خمسة وثلاثين عاما على رعي الغنم، والمتعارف عليه انه من عدة وضروريات الرعي وجود الحمار، وكان جدي يملك حمارة عجوز تدعى «زعبة».. وبدأت الرحلة اليومية الشاقة بين جبال «نهلة» الشاهقة وشمسها الحارقة.. ففكر الوالد في ان يمشي قبل «زعبة»، وبعدما قطع مسافة لا بأس بها توقفت «زعبة» عن المشي لسبب لم يعرفه والدي فحاول تنبيهها فامتنعت واصرت على الوقوف المفاجئ.. ولأن والدي لم يتجاوز الثانية عشرة حينها فقد غضب واستل الجنبية من غمدها الاصفر (والجنبية نوع من انواع السلاح الأبيض) واغمدها في ظهر «زغبة» فترنحت الحمارة قليلا وسقطت ارضا لا تقوى على الحراك.. يقول والدي في تلك اللحظة شعرت بأن الطعنة غرست في قلبي، ورأيت لأول مرة في حياتي دموع الحيوان الاخرس وهي تنهمر بهدوء على وجهها.. لم يغب هذا المشهد عن ذاكرته يوما الى ان قرأ مقالك صباح هذا اليوم، فجاشت مشاعره وذكرياته، ويرجوك ان تنشر رسالته وتشكر الأخت التي تناولت هذا الموضوع برسالتها..

*** ها آنذا قد فعلت.