عودة فرق التفتيش.. ضرورة

TT

من السذاجة وصف خوف المعارضين العراقيين وجيران العراق من اسلحة الدمار الشامل لدى الحكومة العراقية، بأنه مبالغ فيه، فالمسألة ليست مجرد مبالغات بل تاريخ من الممارسات التي اكتوى الناس بنارها، فهذه الاسلحة استخدمت في شمال العراق ضد الأكراد، وفي جبهة الحرب العراقية ـ الايرانية، وليس مستبعدا استخدامها من جديد.

القضية ليست قضية مبالغات، فالسكين في يد الشخص المستهتر بأرواح الناس هي سلاح خطير، والمسدس في يد العاقل والراشد لا يشكل تهديدا، فكيف سيكون الحال عندما يكون سلاح الدمار الشامل في يد المستهترين، وأي خوف طبيعي سينتاب كل من يعتقد انه مستهدف من هذا السلاح.

والقضية ليست ذلك السؤال الساذج حول مدى وجدية وجود اسلحة دمار شامل في بغداد، وما هي «نسبة» فاعليتها، ومدى امكانية استخدامها، فالمسألة تتعلق بأرواح البشر، وعندما تتعلق المسألة بأرواح البشر فانه لا يمكن معالجتها بالنسب المئوية والمعادلات الحسابية ونظرية الاحتمالات، فكل ابواب جهنم ستكون مفتوحة على مصاريعها اذا توفر سلاح غير تقليدي في يد اشخاص قلوبهم خالية من الرحمة.

الاستهانة العربية التي يمارسها البعض في التعامل مع اسلحة الدمار الشامل العراقية، هي استهانة بأرواح الناس، وهؤلاء الناس سواء كانوا عراقيين ام من جيران العراق، هم ايضا ارواح عربية من حقها ان تطالب بنزع اسلحة الدمار الشامل لدى بغداد. والكردي العراقي الذي ما زالت صور مذبحة حلبجة ماثلة امام عينيه، لا يمكن اقناعه تحت أية حجة بالصمت على اسلحة الدمار الشامل، ومن حقه المطالبة بعودة المفتشين الدوليين الى بغداد. والكويتي الذي احتلت ارضه ثم قام الجيش العراقي باحراق اكثر من سبعمائة بئر نفط، وتحويل بلده الى حريق كبير، من حقه ان يطالب بنزع اسلحة الدمار الشامل، وكل من تعنيه ارواح الناس عليه ان ينضم، لأسباب اخلاقية وقومية، الى المطالبين بنزع اسلحة الدمار الشامل في بغداد.

اذا كانت الحكومة العراقية تدعي عدم وجود اسلحة غير تقليدية لديها فما الذي يمنع من دخول فريق التفتيش الدولي وبدون شروط؟ وما الذي دفع حكومة العراق الى المماطلة اربع سنوات كاملة في هذه المسألة؟ وما الذي يضمن عدم استخدام هذه الاسلحة مرة اخرى؟!!