السعودية وإيران... والتحديات الأمنية المشتركة

TT

عندما يُسأل عن الدول المحورية الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط لا بد ان تكون ايران والمملكة العربية السعودية في المقدمة لأسباب عديدة لا تحتاج للشرح. وعندما ينظر متابع الشأن الدولي الى مراكز القرارات الاقليمية على مختلف الاصعدة، ايضاً تقفز ايران والسعودية الى الواجهة، سواء بالنسبة للاقتصاد ـ والنفط تحديداً ـ او الوزن السياسي او المكانة الدينية او المكانة الدبلوماسية داخل المنطقة وخارجها.

وفي اجواء دولية مكفهرة طغت فيها على قاعات التداول الدبلوماسي اولويات جديدة بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول)، وتغيرت اعتبارات وسقطت فرضيات، يشعر الجانبان، السعودي والايراني، بأنهما معنيان بتجنيب منطقة الشرق الاوسط، قدر المستطاع، الارباكات والويلات.

وما من شك ان الاوضاع الامنية الاقليمية ماثلة في أذهان القيادتين السعودية والايرانية اليوم، إن على صعيد الحرب التي اعلنتها الولايات المتحدة على «الإرهاب»، او على صعيد التحسس الاميركي من استحواذ اطراف عرب ومسلمين في المنطقة على ما تعتبره واشنطن اسلحة دمار شاملة.

وفق كل المؤشرات المتوفرة للمراقبين الجيدي الاطلاع لتاريخه، سار الجانبان خطوات لا بأس بها في الطريق الصحيح نحو تسهيل مهمة كل منهما بدرء الاخطار المحيقة بهما، وبخاصة لجهة تسليم المطلوبين بتهم التورط في نشاطات إرهابية او الانخراط في تنظيمات مشتبه فيها. ولكن في حين اقتربت السعودية، بحسن نية وقناعة تامة بضرورة التقارب عدة خطوات نحو ايران، رغم تحفظ بعض اصدقاء المملكة الغربيين على اي تقارب من هذا النوع، تأخرت طهران في تحقيق نقلة نوعية موازية. وعليه فثمة خطوات أخرى مطلوبة وبإلحاح كي يتيسر قطع الطريق على خطط التحريض والاستعداء ومن ثم التفجير التي يجنح نحوها اصحاب الغايات الخبيثة في بعض عواصم القرارات الدولية. وهذا بالضبط ما يؤمل إنجازه خلال الزيارة الهامة التي يقوم بها الرئيس الايراني الى السعودية، وبالذات في الظروف الراهنة في منطقة الخليج والعراق خصوصاً، وتداعياتها المحتملة على المستوى الاقليمي برمته لاحقاً.

حتى الآن كان تحسّب الجانبين عنصراً مساعداً في إضعاف حجة اصحاب الغايات هؤلاء، الا ان المسيرة ما زالت في بدايتها، ويجب التعجيل في التوافق على صيغ التفاهم الامني واستتباب الأمن الاقليمي قبل ان يفرض الآخرون مفاهيمهم المغلوطة او المنحازة للأمن الاقليمي.

وبالتالي فإن تحقيق التفاهم الامني بين السعودية وايران حول مختلف قضايا الساعة، مسألة ضرورية وحيوية ليس للبلدين المعنيين بل للمنطقة بأسرها.