محامو الشيطان

TT

أطنان من الورق وبراميل الحبر الذي سطر على تلك الاطنان، وآلاف من الساعات.. كلها ذهبت هباء. فما كتب على تلك الاطنان من الورق ببراميل الحبر تلك، وما أنفق من آلاف ساعات البث الاذاعي والتلفزيوني على مدى عام كامل، كان مضيعة للوقت والجهد والمال.

وليت الخسارة اقتصرت على الوقت والمال والجهد، فالثمن الافدح يكمن في التخريب الفكري والروحي.. التجهيل، الذي ألحقه كل ذاك اللغو بالاطفال واليافعين والأميين وانصاف المتعلمين من الكبار.. اللغو الذي اعاد وكرر بعناد، يوماً بعد يوم وساعة إثر ساعة، على صفحات مئات الصحف والمجلات وفي برامج عشرات محطات الاذاعة والتلفزيون، فضلاً عن مواقع الانترنت وعلى منابر العديد من الجوامع والمنتديات.. اعاد وكرر نظريات عجيبة وطروحات غريبة لا تقبلها الا العقول المريضة، مفادها ان هجمات 11 سبتمبر الارهابية لم تكن من تدبير «القاعدة» واسامة بن لادن.

ولم ينحصر الامر بنفي مسؤولية «القاعدة» وبن لادن عن تلك الهجمات أو وجود أي علاقة لهما بها، فمحامو الشيطان اكدوا واعادوا التأكيد واقسموا اغلظ الايمان في لغوهم الذي غطى اطناناً من الورق والاف الساعات من الزمن، بان الهجمات كانت من صنع المخابرات الاميركية او منظمات اليمين الاميركي او المخابرات الاسرائيلية أو المنظمات الصهيونية، او كل هذه الاطراف مجتمعة، لتبرير التصعيد الاسرائيلي ضد الفلسطينيين والحرب في افغانستان وتهيئة الاجواء لحرب في العراق. بل ان كثيراً من محامي الشيطان شطح بهم الخيال اكثر ليعلنوا ان حربا صليبية جديدة قد بدأت.. وبعضهم فاق كتاب الاساطير والخيال العلمي في لا معقولهم بالحديث ـ عن علم راسخ ودراية اكيدة ـ عن ان مئات من اليهود تغيبوا عن اعمالهم في مركز التجارة العالمي بنيويورك في 11 سبتمبر!

والان، بعد عام ليس اكثر، يظهر السحرة (الانتحاريون منفذو الهجمات) على التلفزيون ليعترفوا بالصوت والصورة في شريط من انتاج «القاعدة» بانهم هم الذين اقترفوا الجرم عمداً وعن سابق اصرار، ويظهر معهم صاحبهم الذي علمهم السحر ليقر، من دون أي شعور بالإثم، بانه هو الذي بارك ذلك العمل الهمجي وحرض عليه وموّله.

ما الذي سيقوله محامو الشيطان الان؟

لن نتوقع انهم سيكسرون اقلامهم أو يلقمون افواههم حجراً. فمهمة الدفاع عن الشيطان هي مهنتهم التي درجوا عليها. وها هم الآن يسطرون ببراميل من الحبر على اطنان من الورق ويملأون آلاف الساعات من البث الاذاعي والتلفزيون لغواً وهراء من الجنس نفسه.. دفاعاً عن شيطان آخر هو صدام حسين!

[email protected]