الرئيس 41 والرئيس 43 وما بينهما

TT

التقى رئيس عربي الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الأب. ومثل كل عربي عاطفي كان يعتقد في داخله انه يأتي عملا ذكيا. فاللقاء مع بوش الابن محدد الوقت بينما هنا بلا حدود. وما لن يستطيع قوله او شرحه في المكتب البيضاوي سوف يقوله للصديق القديم والحليف القديم، وهو بدوره ينقله الى ابنه مع شيء من التأثير والتفسير والنصيحة. وكان جورج بوش الأب يبتسم طوال الوقت ويهز رأسه موافقاً. وعندما انتهى الرئيس العربي من الكلام قال بوش الأب: «كل ما قلته مهم حقا. لكن لماذا لا تقوله لجورج نفسه؟».

ما هي العلاقة الحقيقية بين الأب والابن؟ او بالاحرى كما يسميان في واشنطن 41 و43. او ايضاً الكبير والصغير؟ لقد كشفت مسألة العراق امراً مهماً وهو ان اركان الرئيس 41 ضد القيام بحرب من خارج الامم المتحدة: جيمس بيكر وبرنت سكوكروفت في الطليعة. وقال كثيرون انه ما دام بيكر وسكوكروفت قد تكلما فانما الرئيس 41 هو الذي تكلم. ولكن ثمة شعوراً بأن الرئيس 43 لا يريد ان يكون الرئيس 41. والصغير هذه المرة لا يريد ان يكرر الكبير. لقد شهد الابن ماذا فعل اليمين المسيحي بالأب ولذلك يتحاشى التجربة المرة. وادرك من خلال تجربة والده مدى نفوذ اللوبي الاسرائيلي وقرر ان يتحاشى ذلك ايضا. وفي الطريق الى التجديد نسي انه مدين بولايته الاولى لرجلين: الرئيس 41 ووزير خارجيته. فعندما تعقدت انتخابات الرئاسة في فلوريدا وكاد البيت الابيض يغيب، كان جيمس بيكر هو الذي ذهب الى الولاية وامضى هناك خمسة اسابيع ولم يعد الا وقد حسمت الرئاسة لابن صديقه.

وقيل بعد ذلك ان بيكر سوف يلعب دوراً اساسياً في ادارة الرئيس 43، سواء من امام الستار او من خلفه.. لكن احدا من رجال 41 لم يظهر في الصورة.

ان الرئيس 43 يريد ادارته هو. وسوف يستعين ببعض رجال رونالد ريغان، مثل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. بل سوف يقارن المحللون الاميركيون بينه وبين ريغان لا بينه وبين والده، فقد انتهى حب الابن للتشبه بالأب على مدخل البيت الابيض. انه يريد ولايتين مثل ريغان، ولذا يجب ان يتكل على اليمين وعلى المحافظين وعلى تجار الصناعة والسلاح، ومن اتكل على هؤلاء لا بد ان يعتمد ايضاً على افتتاحيات «الوول ستريت جورنال» التي تشكل بمفردها جيشاً يشبه جيش المسيو لوبن بالرؤوس الحليقة والعصي الفولاذية.

اراد 43 ان يكون مختلفاً في كل شيء عن 41. انه يتحدث باللهجة التكساسية ويعقد مؤتمراته الصحافية في مزرعته في التكساس ايضا. وقد اراد ان يكون طياراً مثل ابيه لكنه لم يقاتل بطائرته ولم يصب كما فعل والده الذي كان اصغر طياري الحرب العالمية الثانية. ولا استطاع ان يثري كما اثرى 41. ولا تجارب ديبلوماسية او عسكرية مثل الأب بل فقط حاكمية التكساس. على ان المؤلف بيل مينوتغاليو يقول انه يجب الا نقلل ابدا من اهمية العلاقة بين الابن والأب في سلالة مثل عائلة بوش «ان جورج دبليو ليس رجل رؤية، ولذا فان الذي يحرك رجالاً مثله هو موقعه في العائلة بالمقارنة مع صورة والده وصورة جده (السناتور برسكوت بوش). انها عائلة يشتد فيها التنافس، وفي الماضي كان كل ما يفعله يؤديه وفي خاطره صورة والده. فهو الابن البكر ويحمل اسمه الصغير واسم العائلة. ولن يهدأ له بال الا يوم تجدد ولايته».

كيف يحصل ذلك؟ او بالاحرى متى؟ يجيب مؤلف سيرة 43: «عندما ينجح 43 حيث اخفق 41، في الاطاحة بصدام حسين».