دور إسرائيل... ومشاريعها

TT

كان ربط إسرائيل مشاريعها الخاصة بحملة واشنطن على «الارهاب» ضربة بارعة في مدرسة الانتهازية السياسية. ولا بد من الاعتراف بان الحكم الاسرائيلي الحالي، الذي جعل الحملة ستاراً لمشروع نسف «الدولة الفلسطينية» والتفتيش عن بديل يسعى اليه عنصريوه، نجح. وجاء هذا النجاح ثمرة لجملة من العوامل المؤثرة، اهمها ما يلي:

ـ العلاقة الخاصة بين اليمين المسيحي الاصولي الذي هو أصلاً صاحب مشروع صهيوني متطرف يسعى سعياً نحو «صدام حضارات»، وبين اليمين التوسعي الاسرائيلي المتمثل بحزب الليكود وحلفائه. وسبق الانفتاح والتعاون الوثيق بين الجانبين تولي آرييل شارون رئاسة الحكومة الاسرائيلية. وكان من مظاهره في عهد إيهود باراك الصلات الحميمة بين بنيامين نتنياهو واركان الاصولية الانجيلية من امثال القس بات روبرتسون.

ـ العلاقة الخاصة جداً بين «لوبي» السلاح الاميركي والجهات المالية والصناعية والبحثية المقربة من إسرائيل داخل الولايات المتحدة. وقد تبلورت هذه العلاقة عبر عقود من الابحاث المشتركة وصفقات التسليح وعقود التدريب وما اليها.

ـ النفوذ الضخم لـ«اللوبي» الاسرائيلي داخل الكونغرس. ولا بد هنا من الاشارة الى ان نفوذ هذا «اللوبي» موزع بدراية وذكاء بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وحتى ابان حكم الرئيس السابق بيل كلينتون، الذي طالما اعتبر احد اكثر قاطني البيت الابيض تأييدا لاسرائيل التف عليه اعضاء الكونغرس الجمهوريون وقادوا الضغط من أجل نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس.

ـ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 التي استطاع الإعلام ومعه الجهات النافذة في «لوبيات» المصالح المتقاطعة توظيفها ليس فقط في تعميم العداء للمسلمين والعرب، بل في بناء استراتيجية متكاملة وجدت في هذه الهجمات المبرر المناسب للمباشرة فعلياً في حرب مفتوحة على كل من تنطبق عليه تعاريف «الارهاب» و«الاصولية» و«التطرف»... إلخ ابتداء من الشرق الاوسط وشمال افريقيا وانتهاء بجنوب آسيا وغربها وكل انحاء العالم.

ـ الارتباك العربي والاسلامي ازاء تقييم هجمات سبتمبر وانقسام الآراء حول التعامل معها والتأهب لمواجهة تفاعلاتها. وقد افقد هذا الانقسام، بل التشتت في الواقع، العالمين العربي والاسلامي وقتاً ثميناً ورصيداً اثمن كان بالإمكان استغلالهما للتخفيف من قوة المواجهة التي بدأت تنسج خيوطها ضدهما. وحتى هذه اللحظة يمكن القول مع بالغ الاسف انه لا توجد استراتيجية عربية او اسلامية متكاملة ومنطقية للوقوف في وجه حملة تضطلع فيها إسرائيل بالذات بدور اقليمي خطير.

بالأمس وردت تقارير من إسرائيل عن طلب واشنطن منها الإحجام عن التدخل في حرب واشنطن على العراق. غير ان واقع المنطقة وخلفيات الحالة الراهنة يشير الى ان المسألة مسألة استنساب سياسي أكثر منها استراتيجية مبدئية. فدخول إسرائيل «على الخط» لن يزيد في القوة الاميركية الضاربة شيئاً في حين سيربك الوضع الاقليمي المرتبك اصلاً.

ان الفرصة الاخيرة الممنوحة للعراق داخل اروقة الامم المتحدة، على ضآلتها، تصلح محطةً لوقف التشتت العربي قبل فوات الأوان على صعيد المشاريع الاسرائيلية الجانبية.

فخيار «الترانسفير» موجود، وخيار تعجيل تل ابيب بفتح جبهات جديدة بتوقيت قد لا يناسب توقيت واشنطن خيار موجود. وفي هذه الاجواء يصبح التفاهم العربي ولو على الحد الادنى امراً ضرورياً لإنقاذ ما يمكن انقاذه.