لا تجعلوا صدام مسعورا.. اجعلوه وحيدا

TT

لدى شبلي ملاط خطة. وهذا الأستاذ اللبناني في القانون الدولي، الذي يشعر بالخشية من ان ازالة صدام حسين بالقوة يمكن، حقا، ان تؤدي الى استخدام اسلحة الدمار الشامل، هو أحد القوى الدامغة التي تقف خلف مبادرة تأمل بوقف التحرك الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة نحو النزاع المسلح. وتهدف الخطة التي تحمل اسم «عراق ديمقراطي» الى عزل اجهزة نظام صدام حسين عبر تعزيز موقع زعماء المعارضة العراقية، وتخفيف العقوبات التي تلحق الضرر بالمواطنين العراقيين وليس بزعامة النظام، وعزل طرق انتقال القوات المسلحة وقوات استخبارات البلاد، وملاحقة اتهام صدام بارتكاب جرائم حرب. وإذ تتلقى هذه الخطة دعما من جانب مسؤول بارز في الأمم المتحدة، وسفير اوروبي لدى الأمم المتحدة، وعضو بارز في المعارضة العراقية، فانها تؤيد استخدام القوة، ولكن بهدف إيذاء الرئيس العراقي وليس خلعه. ويقول السيد ملاط ان «الجميع مرتعبون من فكرة استخدام اسلحة الدمار الشامل. ويمكن لمبادرة العراق الديمقراطي ان تبعد سيناريو قيامة يأمل المتطرفون في المنطقة بتجسيده».

لقد خاطب الرئيس بوش يوم امس الأول الامم المتحدة من اجل دعم توجه واشنطن للاطاحة بصدام حسين. غير ان هجوما واسع النطاق تقوده الولايات المتحدة ضد العراق يطرح احتمال ان يطلق صدام حسين العنان، في فعل يائس أخير من افعال التحدي، لترسانته من الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية ـ ربما ضد اسرائيل. وقالت اسرائيل، التي يعتقد انها تمتلك ما يزيد على 200 صاروخ نووي، انها سترد بالمثل.

ويقول ملاط انه «مع تطور الحرب، فان منطق صدام في استخدام اسلحة الدمار الشامل منطق واضح». ويشير استاذ القانون الدولي الناشط في حملة اتهام صدام حسين، وهو أحد ثلاثة محامين يسعون الى مقاضاة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون على دوره في مذبحة الفلسطينيين واللبنانيين ببيروت عام 1982، الى انه «من غير المقبول، انسانيا، استخدامها إما ضد الاسرائيليين او ضد العراقيين».

وقد اجتذب «العراق الديمقراطي» اهتمام مسؤولين في واشنطن والامم المتحدة واوروبا، وكذلك اوساط في المعارضة العراقية. وتهدف المبادرة الى خلق اجماع دولي على افضل طريقة لتغيير النظام في بغداد، اي وسيلة ممكنة بالنسبة للمجتمع الدولي وللشعب العراقي.

وتقول مذكرة تشتمل على تفاصيل الخطة ان «التأكيد يتجه الى تمييز فعال بين صدام والعراقيين. ان اي استخدام للقوة هو لممارسة آليات فعالة من اجل المسؤولية والديمقراطية في البلاد، وتقليص مخاطر استخدام اسلحة الدمار الشامل من جانب الحكومة الحالية». وتدعو الخطة الى الاستمرار في التهديد باستخدام القوة ضد بغداد. وفي الوقت نفسه ُتمنح شخصيات بارزة في المعارضة العراقية الظهور الدبلوماسي الضروري لبناء مصداقيتهم كزعماء محتملين في الفترة الحالية وفي فترة ما بعد صدام حسين.

كما ان الخطة تدعو الى تخفيف عقوبات الامم المتحدة التي تؤثر على الناس العاديين، وفي الوقت نفسه تشديد القيود على زعامة النظام، وتسعى الى المزيد من عزل هذه الزعامة عبر اتهامها باقتراف جرائم حرب.

ويقول سليم الجلبي، المحامي العراقي المقيم في لندن، انه «اذا وجهت اتهاما الى نائب رئيس الوزراء طارق عزيز، مثلا، فان هذا سيجعل تعامل الدول العربية (مع القيادة العراقية) اكثر صعوبة. انه ينتزع الشرعية من صدام حسين، ويحرمه، بصورة فعالة، من القدرة على المناورة دوليا».

وتدعو المبادرة، ايضا، الى تحويل مناطق حظر الطيران في شمال وجنوب العراق، التي تغطي حوالي ثلثي البلاد، الى مناطق حظر حركة، الأمر الذي لا يحرم، فقط، نشاط القوة الجوية العراقية، وانما، ايضا، قوات الجيش والاستخبارات. ويمكن، في وقت لاحق، ان تقيم الخطة منطقة حظر حركة ثالثة تربط بين منطقتي الحظر الشمالية والجنوبية، في الصحراء الغربية على امتداد الحدود السورية.

ويمكن ان يوفر قرار لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة تفويضا لاقامة مناطق حظر الحركة، واستخدام القوة من جانب قوات خاصة مدعومة جوا لحماية هذه المناطق. وسينتشر مفتشو الأسلحة ومراقبو حقوق الانسان في المناطق لمساعدة القيادات المحلية في حفظ النظام. ويقول ملاط ان انتشارهم يعتبر مسألة اساسية بالنسبة لنجاح الخطة. ويضيف انهم «سيراقبون ويمنعون أية افعال انتقامية منفلتة، وضمان ان تكون المعايير الدولية هي المقياس لأية قوى ناشئة». واكد زعيم بارز في المعارضة العراقية لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» دعمه لخطة «العراق الديمقراطي»، وقال انه اتصل، أخيرا، بادارة بوش للحصول على دعم لنشر مراقبي حقوق الانسان في العراق.

غير انه من المحتمل ان يكون أمر قبول هذه الخطة أمرا عسيرا. فقد اوضحت الادارة على نحو لا لبس فيه خيارها في تغيير النظام بالقوة. ويجادل خوان كول، استاذ التاريخ في جامعة مشيغان، بان «الصقور الأكثر نفوذا» في ادارة بوش مرتبطون ارتباطا وثيقا مع حزب الليكود في اسرائيل. ويقول «انهم يرغبون في ازالة صدام لأنه الخصم العسكري القوي الوحيد لاسرائيل في المنطقة. لا اعتقد ان مبادرة «العراق الديمقراطي» ستكون مقبولة في واشنطن لأنها قائمة على افتراض منطقي بشأن حسن نية السبب المعلن لقلق ادارة بوش». وعلى الرغم من ذلك يبدو ان الافتقار الى دعم دولي لشن هجوم على العراق حث الرئيس بوش على منح الامم المتحدة فرصة أخيرة من اجل التوسط بهدف بديل سلمي.

ان مبادرة «العراق الديمقراطي»:

* تواصل التصعيد العسكري، والحديث عن تغيير ديمقراطي في العراق وليس خلع صدام حسين.

* تزيد من الاظهار العلني للعوامل الديمقراطية التي تعزز من مصداقية زعماء المعارضة العراقية.

* تخفيف عقوبات الامم المتحدة التي تؤثر على الشعب العراقي، وتشديد تلك العقوبات التي تؤثر على النظام العراقي.

* تحويل المناطق الحالية لحظر الطيران في شمال وجنوب العراق الى مناطق لحظر الحركة، لحرمان قوات الجيش والاستخبارات العراقية من النشاط، واقامة منطقة حظر حركة ثالثة في الصحراء الغربية.

* فرض احترام مناطق حظر الحركة عبر نشر قوات خاصة مدعومة بقوات جوية، ونشر مفتشي الأسلحة ومراقبي حقوق الانسان.

* اتهام صدام حسين بارتكاب جرائم حرب.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»