اسألوا السمك!

TT

انتشرت مزارع الاسماك في العالم كله.. وبذلك امكن توفير السمك على موائد الطعام بانتظام، ولم يعد توفر الاسماك خاضعا لمزاج الصيادين او مزاج البحر.. لقد اصبحت الاسماك كالدجاج والبط والأرانب، اي دخلت في النظام العام بعد ان كانت تمرح طليقة في البحر! وقد يبدو ذلك في صالح المستهلك الذي يجد السمك في كل وقت يريده فيه، ولكن الواقع غير ذلك.

فاذا كنت مثلي من متذوقي السمك الذين يفضلونه على اي طعام آخر، ادركت ان طعم السمك قد تغير.. لم يعد للحم السمك هذه النكهة المميزة التي يعرفها آكلوه واصبح مثل العيش المبلل.. لا طعم ولا رائحة.

السبب كما يقول الخبراء مؤخراً، ان الاسماك التي تربى في المزارع تصاب بالاكتئاب ككل سجين في الدنيا من البشر والحيوان بل والنبات.. وهذا الاكتئاب ينعكس على صحتها البدنية فيتغير لون وطعم لحمها.

لقد لاحظت ذلك منذ زمن بعيد ومع ظهور اسماك المزارع.. وبررت ذلك بان حركة السمك في البحار الواسعة تمنحها الصحة والقوة.. وان سجنها في مياه راكدة او قليلة الغور وبلا امواج يجعلها تصاب بالهزال والمرض.. وقد يكون هذا احد الاسباب.. كذلك نوع الطعام (العلف) الذي يقدم لها من بقايا الدجاج والحيوان ممزوجاً بالدم او بمواد كيماوية وبالهرمونات.. كل هذا يؤدي الى تغير طعم السمك.. وقد ادى هذا بالضرورة الى زيادة اسعار سمك البحر والبحيرات الذي ما زال يحتفظ بطعم السمك الذي نعرفه.

لقد عشت في انجلترا عشرين عاما كان «الفش آند شيبس» او السمك المقلي ورقائق البطاطس هو طعامي المفضل.. وقد وصلت الى لندن وسعر الوجبة لا يتجاوز جنيهاً واحداً، وغادرتها وقد زاد الى خمسة جنيهات ولا ادري ما هي اسعاره الآن.

وهكذا يثبت ان الاحياء جميعا لا يتمتعون بالصحة البدنية او النفسية الا اذا استمتعوا بحريتهم.. والاكتئاب القومي الذي يصيب بعض الشعوب يعود اساسه الى افتقادها وافتقارها للحرية.. وأسألوا السمك!

.. همس الكلام:

«الشعر الابيض لا يدل على عمر القلوب»