على الكونغرس أن يكون واضحاً

TT

لا يدور الجدل بشأن العراق حول السياسة، انه يدور حول الأمن القومي. وينبغي ان يكون واضحاً ان أمننا القومي يقتضي من الكونغرس ان يوجه رسالة واضحة الى العراق والعالم: ان اميركا موحدة في تصميمها على ان تزيل الى الابد خطر اسلحة الدمار الشامل العراقية.

ويعتبر اتخاذ الكونغرس اجراء سريعاً لتعزيز عزمنا أمراً أكثر الحاحاً في ضوء العرض الأخير الذي قدمه صدام حسين والقاضي بالسماح لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة الى العراق. تلك لعبة ومناورة شهدناها من قبل. ويجب على الكونغرس ان يتصرف الآن ليوضح للعراق وحلفائنا في الأمم المتحدة ان الولايات المتحدة لن تؤيد أنصاف الاجراءات المألوفة أو أساليب التأجيل.

ان إعداد قرار مناسب يمكن لأغلبية كبيرة في الكونغرس ان تدعمه يجب ألا يكون أمراً صعباً. فالخطوط العامة لمثل هذا القرار واضحة الآن. والحقيقة ان الجدل الأكبر، في الوقت الحالي، يدور حول قضايا «التوقيت».

وليست هناك وسيلة لإبعاد السياسة عن العملية، أفضل من التوجه مباشرة الى جدل حول الجوهر. فاجراء سريع يتبناه الحزبان في الكونغرس سيضمن ألا تلعب السياسة دوراً في هذا الجدل. كما أنه سيقوي موقع اميركا، ونحن نسعى الى دعم من جانب مجلس الأمن وتعاون من جانب حلفائنا.

ويجب ان يكون القرار قوياً وواضحاً. ويتعين ألا يكون تفويضاً مطلقاً للإدارة، ولكن يتعين أيضاً ألا يتحول الى ادارة حرب، على نمو مصغر، من جانب الكابيتول هيل. يجب ان يعبر بوضوح لا لبس فيه عن العناصر الواسعة لعملية ستصون مشروعية الأفعال الاميركية، وتعزز الاجماع الدولي، وتقوي زعامتنا العالمية.

ويتعين، في المقام الاول، ان يصادق القرار، بوضوح، على استخدام كل الوسائل الضرورية لازالة الخطر الذي تشكله اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها صدام حسين.

ومن ناحية ثانية يجب ان يدعو الى بدل جهد لتحشيد المجتمع الدولي في إطار تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقد كان خطاب الرئيس بوش، الاسبوع الماضي، خطوة اولى هامة، وقد اتت جهوده الدبلوماسية المتأخرة عن وقتها بثمارها في الوقت الحالي. ولكن يجب علينا ألا نوثق أيدينا برباط اجراء مجلس الأمن. ان على الكونغرس ان يفوض الولايات المتحدة التصرف أياً كان الحلفاء الذين سينضمون الينا اذا ما منع مجلس الأمن من دعم الاجراء لفرض القرارات التي تزيد على الـ 16 على العراق.

وفي المقام الثالث يتعين على الكونغرس ان يطالب بأن تتخذ الادارة خطوات فعلية لتحقيق السلام. ان الفرصة الوحيدة أمام العراق لكي يصبح دولة ديمقراطية متسامحة ـ ونموذجا بالنسبة للعالم العربي ـ هي عبر المشاركة الاميركية المعززة. يجب علينا ان نساعد في توفير الأمن داخل العراق بعد زوال صدام، ونعمل مع جماعات المعارضة العراقية، ونطمئن جيران العراق بشأن استقراره اللاحق، وندعم الشعب العراقي وهو يقوم باعادة بناء حياته. ويتعين على الكونغرس، أيضاً، التفويض بتمويل، في الوقت الحالي، لدعم مثل هذه الجهود، بدل انتظار ان ترغمنا الاحداث على العمل بانفاق طارئ.

ان ضغط الكونغرس لضمان انتصارنا ضروري جداً بسبب أداء الادارة في أفغانستان، حيث ما نزال بطيئين، على نحو خطر، في المساعدة على توفير الأمن ودعم الديمقراطية. ان هذا خاطيء اليوم في أفغانستان، وسيكون خاطئاً غداً في العراق، وقد كان صمت بوش حول أي تعهد للولايات المتحدة تجاه عراق ما بعد صدام خللاً واضحاً في خطابه، الاسبوع الماضي، أمام الأمم المتحدة.

ويجب على الكونغرس أيضاً ان يوضح ان اية اجراءات ضد العراق هي جزء من استراتيجية أوسع لتقوية الأمن الاميركي في الشرق الأوسط. ويتعين ان نقوم بما هو اكثر لدعم البرامج الحالية القائمة بشأن حظر الانتشار ونزع السلاح، الأمر الذي يمكن ان يساعد على منع الوصول الى المواد اللازمة لصنع اسلحة نووية، وهو ما يريده الطغاة من امثال صدام حسين. ويجب ان نطالب بمشاركة اميركا بصورة فعالة ودائمة في معالجة الأزمة بين اسرائيل والفلسطينيين، وتعزيز الديمقراطية عبر العالم العربي. ويجب ان نتعهد بخلق استراتيجية قومية من اجل ضمان الطاقة، وهي استراتيجية يمكن ان تقلص اعتمادنا على الشرق الأوسط للحصول على مثل هذه الموارد الهامة.

ان العراق يشكل خطراً كبيراً ومتزايداً. وقد برهن صدام حسين على استعداده للتصرف بطريقة لا عقلانية ووحشية ضد جيرانه وضد شعبه.

وبإمكان قدرة العراق التدميرية دفع الشرق الأوسط برمته الى حالة فوضى كاملة، وتشكيل خطر مهلك لحليفتنا الأساسية اسرائيل. ان آلافاً من الارهابيين العاملين في مختلف انحاء العالم سيدفعون أي ثمن لتصل ايديهم الى ترسانة صدام حسين، ولن يوقفهم أي شيء عن استخدامها ضدنا. ان على اميركا ان تتصرف، وعلى الكونغرس ان يوضح لصدام حسين أنه يواجه بلداً موحداً.

* عضو ديمقراطي في مجلس الشيوخ عن نورث كارولينا، عضو في لجنة مجلس الشيوخ المختارة حول الاستخبارات.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط».