الشعراء في اخوانياتهم

TT

يصادف هذا اليوم الذكرى السنوية الأولى لوفاة الشاعر زاهد محمد زهدي رحمه الله. وسيقيم اصدقاؤه وعشاق ادبه هذا المساء بلندن حفلا بالمناسبة. لزاهد مكانة خاصة في هذه الزاوية فطالما استشهدت بأشعاره الاخوانية وطرائفه وحكاياته. وما أجدر بي ان اخصص زاوية اليوم لتخليد ذكراه بشيء من شعره.

حياة زاهد محمد زهدي مقرونة بحياة السجون العراقية وما يجري فيها من هوان وتعذيب. قضى ردحا في معظمها. بيد ان الايام التي قضاها في سجن بدرة وسجن بعقوبة اوحت له بأرجوزة طريفة. التقى قبل سنتين بصديقه ابراهيم الحريري، فسأله هذا عن تلك الارجوزة. واذا بزاهد ما زال يحفظها فتلاها عليه وكانت منها هذه الابيات:

اليكم الارجوزة الحبوبة

سميت الارجوزة الاعجوبة

قصتها تبدأ عند (بدرة)

وتنتهي بالسجن في (بعقوبة)

حيث دخلنا السجن عشرا عشرا

تسبقنا لـ (عابدين) البشرى

و(عابدين) واحد من بضعة

لخدمة النظام جاءوا حشرا

وهكذا منذ الصباح الباكر

جاء لنا برفقة العساكر

في وجهه تلوح سيما فاجر

وعينه تلمع سيما ماكر

كان من مهمات مدير السجن السيد علي زين العابدين أن يشرف على حلق الشوارب الستالينية للمسجونين:

وما لبثنا ان اتى الحلاق

وابتدأت تقسم الارزاق

لا أكل، لا شرب، ولا ملابسا

مما قضى لخلقه الخلاق

بل كانت المجزرة الفظيعة

لتلكم الشوارب الوديعة

حلقا ونتفا أو بحد موسى

محدثة نتائجا مريعة

ودونما حبس ولا التباس

صرنا جمعا اسرة السواسي

حيث تساوى كلهم شواربا

من (الحريري) لـ (أبي مرداس)

وبعد اسبوع اتى للسجن

وهو الذي يعرف ماذا يعني

رأى أبا مرداس وهو جالس

في نشوة عامرة يغني

فصاح ما هذا الذي أراه

كيف نما للكلب شارباه

قال العريف سيدي كأنها

توقد نارا كلما جئناه

وانه لا يستحي أو يختشي

في أرض مترين يمارس المشي

ثم يغني ماسحا شاربه

فيسمع الشارب ثم ينتشي

فقال تعسا ايها الثمالى

هل فرحت اذ اصبحت خبالى

ام حزنت أم لما قد انجبت

لأنكم لم تولدوا رجالا

قال قرأت كتب التاريخ

وجلت في الزهرة والمريخ

لم استمع عن شارب يهوى الغنا

فالحل يأتيكم مع (الزرنيخ)

هيا خذوه وافركوا (المذكورة)

بخلطة الزرنيخ ثم (النورة)

ينقلب السحر على ساحره

فهذه شوارب مسحورة

وهكذا كان الذي قد كانا

ارجوزة نظمتها زمانا

مرت عليها (اربعون) وانثنت

من بعدها الخمسة حتى الآنا